أسعار الكهرباء في آراء المواطنين.. بين الواقع والتصريحات.. نحو آلية منظمة وتسعيرة عادلة

الثورة – مريم إبراهيم:

 

بين واقع كهرباء يشهد تحسنات متتابعة ومتباينة، وتوقيع اتفاقيات واستثمارات.. وبين تصريحات الجهات المعنية حول السعي لتطوير هذا الواقع، تسعى الجهات المعنية للوصول إلى عشر ساعات وصل يومياً، مع التلميح والنية برفع تسعير فواتير الكهرباء وفق تكلفة الإنتاج، ولاسيما بعد توفر الغاز، وزيادة ساعات التغذية الكهربائية.

تعديل التعرفة

موضوع تعديل تعرفة الكهرباء في سوريا ومراجعة الرسوم المالية المرتبطة بها كان محور بحث وزيري الطاقة والمالية، ومناقشة إمكانية تعديل تعرفة الكهرباء الحالية لتخفيف العبء المالي الذي تتحمله الدولة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، مع أهمية التنسيق بين الوزارتين لضمان اتخاذ قرارات مدروسة تراعي البعد الاقتصادي والاجتماعي، وتخدم مصلحة المواطن والاقتصاد الوطني في آنٍ واحد.

تساؤلات مواطن

وبين هذا وذاك، هناك مواطن لسان حاله يردد حالياً كيف ستكون التسعيرة الجديدة، خاصة مع سماع أخبار بارتفاعها لتصل فوق طاقته وقدرته المادية، كون الغالبية هم من ذوي الدخل المحدود، ومنهم حتى من دون دخل أيضاً، ويبدو أن فرحتهم بزيادة الرواتب لن تدوم مع ترقب إصدار التسعيرة الجديدة للكهرباء.

مواطنون بينوا لصحيفة الثورة أن واقع الكهرباء غير مستقر حالياً، وأزمة الكهرباء مستمرة في العديد من المحافظات، ففي بعض الأرياف مدة الوصل لا تتجاوز نصف ساعة وأحياناً عشر دقائق كل خمس ساعات وأكثر، ويبدو أن حلم التنعم بالكهرباء سيبقى بعيد المنال، في حال ارتفاع أسعارها المرتقبة، وبالتالي زيادة العبء المادي عليه، وهو الذي يعاني بالأصل من ظروف معيشية واقتصادية صعبة للغاية وبغنى عن أعباء أخرى.

ويرى مواطنون أهمية تحسين واقع الكهرباء والتنعم بها أولاً، ولاحقاً يتم رفع سعرها، مع ضرورة دراسة إجراءات رفع السعر من جميع جوانبها، ومراعاة الظروف المعيشية للمواطن الذي عانى ما عاناه من مشقة خلال سنوات الحرب، متمنين ألا تكون التسعيرة الجديدة جائرة بحق المواطن لكونها تعتمد على نظام الشرائح، وفي حال توفر الكهرباء بشكل دائم ستكون الفواتير فلكية لا محالة، ولا تناسب ذوي الدخل إطلاقاً في حال حسابها بالاعتماد على التكلفة.

رؤية متكاملة

الخبير الاقتصادي رئيس مجلس النهضة السوري عامر ديب بين لصحيفة الثورة أنه في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها قطاع الكهرباء، ومع ارتفاع كلف الإنتاج والتشغيل، تبرز الحاجة إلى وضع رؤية متكاملة تحقق توازن النمو في القطاع من دون تحميل ذوي الدخل المحدود أعباء إضافية على فواتيرهم الشهرية، كما أن ضمان استدامة الكهرباء يتطلب معالجة شاملة تجمع بين توسيع قاعدة الإنتاج وإصلاح آلية التسعير، مع الحفاظ على البعد الاجتماعي، فعلى صعيد الإنتاج والاستثمار يجب تشجيع الاستثمار المباشر في قطاع الكهرباء، مع منح أولوية للمشاريع التي تعتمد على الطاقة المتجددة والنظيفة بما يسهم في تخفيض الكلف على المدى الطويل وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية المكلفة، وضرورة السماح للمستثمرين بالبيع المباشر للمستهلكين، تحت إشراف وزارة الطاقة، ويتم تحديد الأسعار وفق معايير عادلة تراعي التكلفة الحقيقية وتضمن عدم استغلال المستهلكين، والعمل على إدماج قطاع الأمبيرات ضمن خطة وطنية منظمة، بحيث يتحول من حل عشوائي مؤقت إلى منظومة رديفة مؤطرة قانونياً، تسهم في تلبية الطلب وتخفيف الضغط على الشبكة العامة.

وعلى صعيد العدالة الاجتماعية والتسعير يرى الخبير ديب أن تطبيق نظام الشرائح في فواتير الكهرباء، من خلال تصنيف المناطق السكنية إلى راقية ومتوسطة وشعبية، بحيث تتحمل الشرائح الأعلى دخلاً الجزء الأكبر من التكلفة، فيما تحصل الشرائح ذات الدخل المحدود على أسعار مدعومة، وكذلك تعويض الفاقد المالي عبر تحرير أسعار الكهرباء للقطاعين السياحي والتجاري، إذ إن هذه القطاعات قادرة على دفع تسعيرة أقرب للتكلفة الفعلية، ما يخفف العبء عن المواطنين.

ويقول الخبير ديب: إن تصريحات وزير المالية حول دراسة رفع أسعار الكهرباء تأتي في سياق الكلف الضخمة التي تتحملها وزارة المالية بالتعاون مع قطر في اتفاقية الغاز الأذري لتأمين جزء من احتياجات الشبكة، هذه الكلف تفرض البحث عن حلول استثمارية فعالة ومستدامة، مضيفاً: لذلك، فإن السماح للقطاع الخاص بالدخول في مجال توليد وبيع الكهرباء مباشرة للمستهلك، ضمن آلية منظمة وتسعيرة عادلة، يعد الخيار الأجدى، خاصة أنه معمول به بنجاح في العديد من دول العالم، حيث أسهم في سد فجوة الإنتاج وتحسين الخدمة.

ويضيف: إننا ننظر إلى المواطن باعتباره البوصلة التي يجب أن توجه السياسات، ونؤمن أن الاستثمار السريع والفعال، مع آليات عادلة للتسعير، سيحقق التوازن المطلوب بين النمو الاقتصادي وحماية القدرة المعيشية للمواطنين، بما يضمن مصلحة مشتركة ومستقبلاً طاقياً مستداماً للبلاد.

الطاقة الخضراء

المستثمر في قطاع الطاقة محمود الدج أوضح أن الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة يمثل أولوية استراتيجية لتعزيز أمن الطاقة الوطني وخفض التكاليف على الدولة والمواطن، كما أن اعتماد مبدأ التقاص في عمليات البناء يعد خطوة مبتكرة لتعزيز الطاقة الخضراء، إذ يمكن للمستثمر أو صاحب المنشأة بناء محطة بطاقة واحد ميغاواط مثلاً وربطها على الشبكة الرئيسية، مقابل تزويده بالكهرباء التقليدية من الدولة.

وبيّن أن هذه المشاريع يجب أن تخضع لشروط واضحة، أهمها تأهيل الشبكة الكهربائية قبل الربط، واعتماد تسعيرة عادلة للطاقة المنتجة بعد أن يقدم المستثمر بيانات تفصيلية عن تكاليف الإنتاج، إضافة إلى تخصيص نسبة من العائدات لصالح الدولة بما يعزز مواردها ويضمن الاستدامة المالية، مشيراً إلى أن التحول نحو الطاقة الخضراء يمنح الحكومة مرونة أكبر في تأمين مصادر طاقة منخفضة التكاليف، خاصة أن محطات الفيول الحالية قديمة وتحتاج إلى صيانة مكلفة بالإضافة إلى عبء توفير الفيول لتشغيلها.

وأضاف الدج: إن طرح مشاريع للبيع المباشر للمستهلك سيوفر نموذج شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، ما يسهم في مواجهة التحديات وتوفير طاقة مستدامة تدعم الاقتصاد الوطني وتلبي احتياجات المواطنين بكفاءة وتخفف عبئا كبيراً على المواطن.

ومع كل التصريحات، ومع التفاؤل بانتعاش الكهرباء يبقى حالياً التساؤل بانتظار إجابات شافية من الجهات المعنية، حول الأسعار المرتقبة للكهربا، وما هي نسبة الزيادة في التعرفة؟ فهل تكون التسعيرة مناسبة وتلبي الطموح ولصالح المواطن، أم مجحفة بحقه، فالفاتورة المرتفعة ستحدث إحباطاً للجميع، والأكثر إحباطاً للعاطلين عن العمل، مع أحلام مؤجلة لمواطن يتمنى أن يخرج من أزمات متلاحقة على مدى سنوات، ويحلم بالتعافي في سوريا بلد الشمس والرياح، والتي تستحق أن تكون منارة مضيئة على مدى الأيام والسنوات.

آخر الأخبار
ذوو الإعاقة.. من التهميش إلى الإبداع والإنتاج بانتظار لقاء ترامب - بوتين.. دعوات أميركية لوقف القتل في أوكرانيا طلاب "التاسع" يناشدون "التربية" لإسعافهم بدورة استثنائية الأردن.. دعم وتعاون مع سوريا يعكس عمق العلاقات الاستراتيجية اعتماد صنفين جديدين من القمح القاسي عالي الإنتاجية رؤية شاملة لتطوير القطاع الزراعي بريف دمشق أعمال صيانة في الشبكة لتحسين تدفق المياه في ضاحية الشام "المركزي":لم يتم إصدار أي ترخيص لمصارف جديدة محطة مياه جديدة في عينجارة بريف حلب الغربي المطلوب إعادة التوازن.. شحّ السيولة أفقد القطاعات الإنتاجية الثقة بالمصارف الطيران المدني.. جناح لتحريك الاقتصاد ومجال رحب لفرص العمل أسعار الكهرباء في آراء المواطنين.. بين الواقع والتصريحات.. نحو آلية منظمة وتسعيرة عادلة شراكات مجتمعية لتطوير التعليم.. ترميم مدارس ودعم الطلاب المتسربين قبيل اجتماع ثلاثي مرتقب في عمّان .. واشنطن تؤكد التزامها بالسلام في سوريا السياحة الثقافية في اللاذقية.. وجهة عالمية ورافد للاقتصاد الوطني صباح الوطن الجميل من سهل حوران الفقر يتمدّد في طرطوس.. والمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر علاج فعّال مجلس الأمن يؤكد احترام سيادة سوريا ويرفض أي تدخل يزعزع الاستقرار ألقاب وشهادات لا تعكس الحقيقة "صيف الإنجاز".. مبادرة تطوعية لتعليم 325 طالباً في كفرزيتا