الثورة – فاديا هاشم:
في زمن لم يكن فيه الهاتف المحمول سوى حلم بعيد، إذ كانت الأسرة تجتمع حول مائدة الطعام لتتبادل الأحاديث وتتناقل القصص اليومية، ويتعلم الصغار من أحاديث الكبار ونظراتهم ونبرات أصواتهم، أما اليوم ومع دخول التكنولوجيا الحديثة إلى كل البيت أصبحت الشاشات تسبق الكلمات، والرسائل النصية تغني عن اللقاءات حتى بات الحوار الأسري يمر أحياناً عبر إشعارات الهاتف لا عبر دفء العيون.
الدكتورة والباحثة الاجتماعية عنان الحمد- المدربة الدولية في كلية كنجستون البريطانية أوضحت لصحيفة الثورة الفرق بين الأمس واليوم، في الأمس كانت الأسرة تعتمد على التواصل المباشر والعلاقات تبنى وجهاً لوجه، كان الأب مرجعاً معرفياً، والأم مصدر الخبرة الحياتية، والجدة كتاباً مفتوحاً من الحكايات والقيم، فيما اليوم تغيرت المعادلة وأصبح الهاتف مصدر المعلومة والمنصات.
وبينت إيجابيات التكنولوجيا للأسرة لجهة تقريب المسافات بين الأفراد، وهذه لا يمكننا إنكارها، وكيف منحت فرصاً غير محدودة للأطفال للتعلم عبر الإنترنت، وحتى إدارة شؤون المنزل أصبحت أسهل بفضل التطبيقات والخدمات الرقمية. كما إلى الجانب المظلم، من حيث الاستخدام المفرط ما يجعل الأسرة تعيش عزلة رقمية داخل البيت الواحد مما يضعف الروابط الإنسانية ويهدد القيم الأسرية التي هي أساس المجتمع. ونوهت الحمد بأهمية تحديد أوقات للأسرة خالية من الأجهزة ومساحات مشتركة للحوار المباشر حتى تبقى حميمية الأسرة فيها، وروح قادرة على التوازن، فالتكنولوجيا ليست خصماً للأسرة، لكنها- إن لم تحسن إدارتها- لاشك ستتحول إلى أداة مساعدة إلى جدار يفصل بين أفرادها.