الثورة – هاني شاهرلي:
استبشرنا خيراً بعد التحرير المبارَك، ورفعنا سقف الطموحات، وكنّا عبارة عن كمية كبيرة من التفاؤل، نتحدّث مع هذا ونتناقش مع ذاك، لكن ما حصلَ منذ أيام قليلة، أعادنا إلى حلقة اليأس وانعدام الثقة، بعد مشاركة منتخبنا السلوي آسيوياً – ولن أقول كانَ خروجاً مذلّاً – ولكن سأكتفي بوصفه بالخروج المعيب، من الدور الأول من بطولة آسيا في كرة السلة، أعقبها خروج دراماتيكي لناديي حطين والكرامة من بطولة كأس التحدّي الآسيوي بكرة القدم ( أضعف بطولات القارّة للأندية ) لماذا وكيف حصل هذا !؟
السلة تعاني
البداية من بطولة آسيا لكرة السلة، والتي كانت باستضافة مدينة جدّة في المملكة العربية السعودية الشقيقة، صحيح أن مجموعتنا كانت صعبة، وقد ضمّت كلاً من اليابان، إيران، غوام، بالإضافة لمنتخبنا الوطني، لكن هذا لايبرر هذا الخذلان، وهذه النتائج الكارثية، فالجميع يتحمّل ماحصل، من صاحب قرار إقالة المدرب هيثم جميّل وكادره الفنّي، مروراً بالمدرب الذي تم تعيينه، حيث أثبت لنا فشله الذريع مع المنتخب وسوء خياراته في انتقاء اللاعبين، وأسلوب اللعب في المباريات، ونهايةً باللاعبين والذين قد نبرر لهم خسارتهم أمام اليابانيين، علماً أن الكوارتر الثاني انتهى بتقدم منتخبنا وبفارق تسع نقاط، ولكن حصل الانهيار الكبير وغير المفهوم مع بداية الكوارتر الثالث، وخسارة كبيرة بفارق (31) نقطة؟
ثم أتت المفاجأة بخسارتنا أمام منتخب غوام المتواضع ؟ وبشكل غريب بفارق تسع نقاط، وأخيراً كانت الخسارة المؤلمة أمام إيران وبفارق وصل إلى (39) نقطة!
ما حصل يجب أن لا يمر مرور الكرام، مللنا وسئمنا من مقولة ( ليس المهم أن نحقق البطولة، المهم أن نشارك في هذا العرس الكبير).
لتَكُن بطولة آسيا درساً لنا في القادمات، ولنبتعد عن القرارات الارتجالية والتي تهدم لا تُصلِح، فأي قرار عندما يُتّخَذ يكون نابعاً عن دراسة وتقييم ومن ثم اتخاذ القرار المناسب، كفانا قرارات هي أقل ما يمكن أن نقول عنها ( ردّات فعل ) لم نكن صغاراً في الرياضة ولن نكون، بل كنّا وسط بؤرة من المفسدين والمثبّطين، لم تكن العلّة أبداً برياضتنا بل كانت بالقائمين عليها، استبشرنا خيراً عند التحرير واستبشرنا خيراً أكثر عندما تمّ الإعلان عن تشكيل وزارة الرياضة والشباب، الوزارات هي نظام، وهيكلة إدارة، وعمل ميزانية، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، نحن اليوم نقف إلى جانب الوزارة، ونشد على أيديهم، ونقف خلفهم، ونحن أول الداعمين لهم، لكن لماذا لم تبدأ العَجلة بالدوران الصحيح بَعد أسوةً بباقي الوزارات !؟
نعلم تماماً أنّ خراب خمسين عاماً لن ينصلح في سنة ولا سنتين، ولا حتى خمس ربما، لكن لننهض ونبدأ بالعمل، فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، أحدهم قال لي مقهوراً ( يا ليتهم يحظروا الرياضة عندنا ) وأنا أعلم أنه محب يتكلمّ قهراً لا ضغناً، فلننهض، ولنبدأ بالعمل الجاد لا من أجل أحد بل من أجل هذا البلد، وأبناء هذا البلد، أسهل شيء في هذه الحياة هو الهدم، أما البناء فيحتاج رجالاً أوفياء وأنتم أهلاً لها، الرياضة اليوم ليست حَدَثاً ثانوياً، الرياضة اليوم ملتقى شعوب وواجهة أمم، فكم اقتصادات لدول تحرّكت بالرياضة، وأسماء مدن برزَت عن طريق الرياضة، وأعلام بلدانٍ رفرفت وأسماء لَمِعَت وشخصيات ظهرت من خلال الرياضة.
بعد الضربة الأولى
بعد الضربة الأولى، والتي نمنا عليها، صحونا على ضربتين متتاليتين، تمثّلتا بخروج دراماتيكي لفريقي حطين والكرامة على التوالي، أمام مَن !؟ أمام فريقين أحدهما من قيرغيزستان والآخر بنغلاديش! مع كامل محبّتنا واحترامنا للدولتين الصديقتين فنحن نتكلم رياضة.
علماً وللتذكير منتخبات هذين البلدين كانت تخسر من منتخباتنا الوطنية بالستة والسبعة.
فما الذي حصل !؟ هل رياضتهم تطوّرت أم نحن من تراجعنا !؟
صراحةً من خلال ما شاهدناه في كِلا المباراتين كانا فريقين جداً عاديين، لكن لا هذا حطين ولا ذاك الكرامة؟!
ربما يقول البعض هذه إمكانياتنا والجود بالموجود، فلا ملاعب كرة قدم صالحة لدينا، ولا صالات كرة سلة مجهّزة، ولا منشآت حضارية نملك، وهذا حصاد الخمسين عاماً الفائتة، نقول نعم صحيح لكن أنتَ تلعب في البطولة الأضعف آسيوياً ( كأس التحدي ) وهي تُعَد في المستوى الثالث آسيوياً؟!
هناك من قال إنّ الرطوبة العالية كانت سبباً مباشراً لخسارة الكرامة أمام الخصم، بحجّة أنّ فريق بنغلاديش معتاد على اللعب في مثل هكذا أجواء، وهنا السؤال: من المسؤول عن اختيار الأرض المفترضة لنا ؟ لماذا تم اختيار دولة قطر الشقيقة ؟ لماذا لم يتم الطلب من أجل أن نلعب في ملعب فيه تكييف ؟ وهناك بعض الملاعب في قطر تمتاز بأنها ملاعب مكيّفة، نعود للقول إنّه تم اتخاذ القرار دون دراسة وتقييم، وهذه تقع فيها جميع منتخباتنا وأنديتنا عندما تلعب في الخارج، وطبعاً كل الشكر لدولة قطر الشقيقة على هذه الاستضافة.
مشكلة كرة القدم في سوريا ليست فقط
في خروج ممثّليها من بطولة آسيوية، فمفهوم الاحتراف عندنا كلّه خاطئ،
فالاحتراف ليس بملايين تُدفَع ولا بلاعبين محترفين، نحن ما زلنا بعيدين كل البعد عن الاحتراف، وللحديث بقية والباقي أعظم.