لم يعد معرض دمشق الدولي مجرد فعالية اقتصادية تقليدية تُقام على أرض المعارض، بل تحوّل عبر تاريخه إلى مرآة تعكس صورة سوريا للعالم، ونافذة واسعة تطل منها على الاستثمار والسياحة والثقافة في آن واحد، وفي دورته الحالية، بعد سنوات الحرب، يكتسب المعرض بُعداً يتجاوز حدود الاقتصاد المباشر ليغدو رسالة سياسية وثقافية وحضارية بامتياز.
يُشكّل المعرض عنصر جذب سياحي داخلي وخارجي، إذ يتجاوز كونه منصة للمنتجات والشركات ليغدو رحلة ثقافية وتجارية يشارك فيها آلاف الزوار، حركة الزائرين لا تنعكس فقط على أرض المعرض، بل تمتد إلى الفنادق والمطاعم والأسواق الدمشقية، ما يرفع نسب الإشغال الفندقي ويُنعش السياحة الداخلية ويعيد سوريا إلى الخارطة السياحية الإقليمية، فالمعرض بموسيقاه وأجنحته المتنوعة، يتحول إلى مشهدية حضارية حية تُعيد للمدينة نبضها القديم بروح جديدة.
لا يقتصر المعرض على التبادل التجاري، بل يقدم نفسه كمهرجان ثقافي اجتماعي يلتقي فيه السوريون مع الزوار من مختلف الجنسيات، الحفلات الفنية، الأمسيات الشعرية، والفعاليات الترفيهية المرافقة تفتح المجال للتواصل الإنساني وتكريس صورة سوريا كبلد غني بتنوعه الثقافي.. بهذا المعنى، يصبح المعرض أكثر من مجرد سوق، بل رمز للتعددية والانفتاح، يعكس إصرار السوريين على الحياة بعد سنوات الحرب.معرض دمشق الدولي في دورته الحالية ليس مجرد حدث اقتصادي أو ثقافي، إنه إعلان حياة، يعكس إرادة بلد يسعى لاستعادة عافيته والانفتاح على العالم، من خلال التقاء كل الأبعاد السياحية والثقافية والاقتصادية في مساحة واحدة، يُعيد المعرض رسم صورة سوريا كبلد قادر على النهوض من تحت الركام، ويضع حجر الأساس لمرحلة جديدة عنوانها، الانفتاح والبناء والتلاقي.