الثورة – مها يوسف
في زمن تتسارع فيه التكنولوجيا بشكّل غير مسبوق، يطلّ الذكاء الاصطناعي (AI) ليكون أحد أبرز الأدوات التي غيرت ملامح حياتنا اليومية.
ولم يكن التعليم بمنأى عن هذا التحوّل، بل ربما كان من أكثر القطاعات تأثراً .
تؤكد الدكتورة تهامة المعلم- كلية التربية وعلم النفس في جامعة طرطوس: إن الذكاء الاصطناعي أصبح ركناً أساسياً في العملية التربوية، بعد أن أحدث ثورة في تصميم المناهج الدراسية وطرق التدريس، بل وحتى في طبيعة التفاعل بين الطلاب ومعلميهم.
وأوضحت أن سرّ هذا التأثير، يكمن في قدرة الذكاء الاصطناعي على محاكاة التجارب التعليمية، وعرض نماذج واقعية وخيارات متنوعة، تتناسب مع أساليب التعلم المختلفة، إلى جانب دوره في تعزيز التواصل الاجتماعي بين الطلبة، سواء داخل الصف أو مع أقرانهم في مؤسسات تعليمية أخرى حول العالم.
لماذا في التعليم؟
مبررات دمج الذكاء الاصطناعي بالمناهج التعليمية عديدة، أهمها، حسب د.المعلم، تحليل بيانات الطلاب بدقة، حيث يتيح تتبع الأداء الأكاديمي للطلاب و تحديد نقاط قوتهم وضعفهم، وتوجيه المؤسسات التعليمية نحو تطوير المواد التي تحتاج إلى تبسيط أو تحسين.
وهي تجربة تعليمية مخصصة، إذ يمكن لكلّ طالب أن يحصل على محتوى يتناسب مع مستواه وقدرته على الاستيعاب، بدلاً من اعتماد منهج موحد للجميع، بالإضافة إلى تقييم أكثرعدلاً وفاعلية، فالاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الاختبارات يوفر تصحيحاً فورياً وموضوعياً، ويمنح الطالب تغذية راجعة لحظية تساعده على تحسين مستواه.
أهداف أوسع
د. المعلم ترى أن دور الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على تحديث الكتب أو تصميم الدروس، بل يتعداهما إلى تحقيق أهداف أشمل، كرفع جودة المواد التعليمية بما يتماشى مع متطلبات العصر، وتقليل الأعباء الروتينية عن كاهل المعلمين عبر أتمتة عمليات التقييم والتصحيح، ما يتيح لهم التركيز على تطوير أساليب التدريس.
وأيضاً تعزيز التفاعل من خلال أدوات التعلم التفاعلي وتنمية التفكير النقدي والإبداعي لدى الطلاب عبر أسئلة وتحديات متقدّمة، ودعم التعليم المستمر عبر موارد تعليمية متاحة على مدار الساعة، وإتاحة فرص تعلم أفضل للطلاب من ذوي الإعاقة بفضل أدوات ذكية مساعدة.
أكثر مرونة
وتؤكد أن المستقبل القريب، سيشهد تكاملاً أكبر بين الذكاء الاصطناعي وتقنيات الواقعين المعزز والافتراضي، ما سيوفر للطلاب بيئات تعليمية أكثرواقعية وإثارة، كما أن أنظمة التعليم ذاتية التعلم، ستتكفل بتحديث المناهج تلقائياً بما يواكب التطورات العلمية.
وتضيف: إن هذه التطبيقات قادرة على قراءة أنماط تعلم الطلبة، والتنبؤ بمساراتهم الأكاديمية لتوجيههم نحو التخصصات التي تناسب اهتماماتهم وقدراتهم.
وبذلك يصبح الذكاء الاصطناعي شريكاً أساسياً في بناء مستقبل التعليم، و قادراً على تحسين جودة التدريس وتخصيص المحتوى وتقديم تقييمات دقيقة وفعّالة.
وفي الختام تضع د. المعلم الذكاء الاصطناعي في مكانته الحقيقية، فهو ليس مجرد تقنية عابرة، بل أداة استراتيجية ستعيد تشكيل العملية التعليمية، وتفتح آفاقاً أوسع للأجيال القادمة.