الثورة – مها دياب:
في قلب الجناح السوري بمعرض دمشق الدولي، تألقت محافظة ريف دمشق بركنٍ خاص جسّد روح المكان وعبق الزمان، إذ امتزجت الحرف اليدوية مع التراث الشعبي، وتلاقت المنتجات الزراعية مع رموز الثورة، لتروي قصة محافظة لا تزال تنبض بالحياة رغم كل التحديات.
المشرف العام على جناح ريف دمشق فهد الفهد، يقول: إن هذا الركن يمثل لوحة نابضة بالهوية السورية، استقطبت الزوار من مختلف الجنسيات، ولامست وجدان كل من مر بها.
التراث الحرفي يحاكي الأصالة
يقول الفهد: في الركن المخصص للحرف اليدوية، عرضت محافظة ريف دمشق مجموعة من الصناعات التقليدية التي تشتهر بها، أبرزها فن الموزاييك والرسم العجمي، وهما من الفنون التي تعكس براعة الحرفيين السوريين ودقة أناملهم.
وهذه الحرف ليست مجرد أدوات للزينة، بل هي تعبير عن تاريخٍ طويل من الإبداع والابتكار، إذ كانت تستخدم في تزيين البيوت الدمشقية القديمة والقصور، كما ضم الجناح أواني فخارية ونحاسية كانت تستخدم في الحياة اليومية للأسرة في الريف لتعيد للذاكرة مشاهد من الزمن الجميل، وتبرز كيف كانت البساطة تتناغم مع الجمال في تفاصيل الحياة الريفية.
وأكد أن الأزياء التقليدية كانت حاضرة في جناح ريف دمشق بقوة، خاصة الزي القلموني الشرقي الذي يمثل بلدات، مثل: جيرود، والرحيبة، والمعضمية.
وأكد أن هذه الأزياء، بألوانها وتطريزها، لم تكن مجرد ملابس، بل كانت لغةً بصريةً تعبر عن هوية كل منطقة، وتُظهر تنوع النسيج الاجتماعي والثقافي في ريف دمشق، مبيناً كيف تفاعل الزوار مع هذه المعروضات، من خلال التقاط الصور، وتبادل القصص حول ذكرياتهم مع هذه الأزياء، مما أضفى على الجناح طابعاً إنسانياً دافئاً.
نكهة لا تنسى
وتحدث عن تميز جناح ريف دمشق بعرضٍ غني للمنتجات الزراعية التي تشتهر بها المحافظة، من غوطة دمشق الشرقية إلى القلمون الغربي، وتفاح سرغايا وعين حور ومضايا كان له حضور خاص، إذ أُبرزت ميزاته من حيث الحجم والطعم الفريد، الناتج عن سقاية الأشجار بمياه الثلوج الجوفية، كما عرضت اللوزيات والمجففات مثل قمر الدين والزبيب والمشمش والجوز القادم من عربين والغوطة الشرقية، لتظهر غنى الريف السوري بالمنتجات الطبيعية التي تُعد جزءً من المائدة السورية الأصيلة.
وفي محاولةٍ لاستحضار تفاصيل الحياة اليومية في الريف، قال الفهد: لقد تم تخصيص جزء من الجناح لعرض مشاهد من غرف المعيشة القديمة، مثل سرير الطفل، والمكواة الحديدية، وماكينة الخياطة، وسلال القش التي كان يحملها البائع الجوال.
وبين أن هذه الزوايا لم تكن مجرد ديكور، بل كانت سرداً بصرياً لذاكرة السوريين، إذ تفاعل الزوار مع المعروضات وكأنهم يعودون إلى منازلهم القديمة، وتبادلوا القصص والذكريات حول تلك الأدوات التي كانت جزء من حياتهم اليومية.
ذاكرة نضال
ويقول الفهد: لم تغب رمزية الثورة عن جناح ريف دمشق، فقد خُصص ركن لعرض مجسمات وأسلحة استخدمت خلال الثورة، في إشارة إلى الدور الذي لعبته بعض مناطق الريف في تلك المرحلة المفصلية من تاريخ سوريا.
هذا الركن حمل رمزية وطنية قوية، وفتح باباً للنقاش والتأمل في تاريخ سوريا الحديث، حيث وقف الزوار أمام المعروضات بتأثرٍ واضح، مستذكرين تضحيات أبناء الريف في سبيل الوطن.
وأكد أن جناح ريف دمشق لم يكن مجرد مساحة عرض، بل تحول إلى وجهة رئيسية للزوار، حيث امتزج الماضي بالحاضر، وتلاقى التراث مع الحداثة في مشهدٍ سوري أصيل، والزوار تفاعلوا مع المعروضات، واستفسروا عن تفاصيل الحياة في الريف، مما أضفى على الجناح طابعاً تفاعلياً وثقافياً مميزاً.
وقد عبر العديد منهم عن إعجابهم بالتنظيم والتنوع، مؤكدين أن الجناح نجح في نقل صورة حقيقية عن ريف دمشق بكل ما فيه من جمال وتنوع.
وفي ختام حديثه، أكد أن جناح ريف دمشق كان رسالة حب من الريف إلى الوطن، ومن الماضي إلى المستقبل.
قدمنا صورة متكاملة عن المحافظة، تُجسد عمقها التاريخي وتنوعها الثقافي، وتُبرز كيف يمكن للتراث أن يكون جسراً للتواصل والتفاهم بين الأجيال.