الثورة – إيمان زرزور
يشكّل المزاد العلني الذي أُقيم في قلعة دمشق يوم 4 أيلول/سبتمبر 2025 لبيع أربع سيارات فاخرة من أسطول عائلة المخلوع بشار الأسد، نقطة تحول ذات دلالات اقتصادية وسياسية بالغة الأهمية، فقد تجاوزت حصيلة المزاد 20 مليون دولار، رُصدت مباشرة لصالح “صندوق التنمية السوري”، وهو ما يفتح الباب أمام آلية جديدة لتسييل الأصول المصادرة وتوظيفها في خدمة عملية إعادة الإعمار.
لسنوات طويلة مثّلت الثروات المصادرة من عائلة الأسد رمزاً للهدر والفساد، واليوم تتحول إلى مصدر مباشر لتمويل التنمية، هذه الخطوة تضع نموذجاً عملياً لكيفية استثمار الأصول المصادرة بدلاً من بقائها مجمّدة بلا مردود.
وتجاوز المزاد 20 مليون دولار خلال ساعاته الأولى فقط، ما يعكس قدرة هذه الأصول على توفير دعم مالي ضخم للصندوق الذي يهدف إلى إعادة بناء المساكن والبنية التحتية، وتشير التقديرات إلى أن مجموع السيارات المصادرة قد تصل قيمته إلى مليار دولار، وهو ما يكفي لتمويل مشاريع استراتيجية كبرى.
ويشكل التزام إدارة الصندوق بنشر بيانات دورية وتقارير علنية يضمن أن استخدام هذه الأموال سيكون تحت الرقابة، وهو ما يسهم في ترسيخ الثقة بالنظام المالي السوري بعد سنوات من الفساد، فعندما يرى المواطن أن أموال النظام السابق تُعاد إلى الشعب عبر مشاريع تنموية ملموسة، فإن ذلك يعزز الثقة بالدولة ويكرّس مبدأ العدالة الانتقالية الاقتصادية.
بيع ممتلكات كانت حكراً على عائلة الأسد يوجّه رسالة سياسية بأن سوريا الجديدة تقطع مع رموز البذخ والفساد، وتعيد توظيف الأموال المنهوبة لخدمة الشعب، وتعتبر خطوة كهذه تعطي إشارة إيجابية للمستثمرين المحليين والأجانب بأن الحكومة تتبنى مبدأ الشفافية والمحاسبة، وتعمل على بناء بيئة اقتصادية مستقرة وقابلة للتنبؤ.
فالمزاد في قلعة دمشق لم يكن مجرد حدث اقتصادي، بل جسّد صورة رمزية لانتهاء حقبة الاستئثار بالثروة العامة، وبدء مسار جديد قائم على مشاركة المجتمع في إعادة البناء، كما أن ريع هذه المزادات سيسهم في إعادة المهجرين إلى بيوتهم وتأهيل الخدمات الأساسية، ما ينعكس مباشرة على حياة ملايين السوريين.
إن بيع سيارات عائلة الأسد ليس مجرد مزاد علني، بل هو “إجراء اقتصادي – سياسي متكامل” يهدف إلى تعزيز موارد صندوق التنمية، وإعادة بناء الثقة بالنظام المالي، وإيصال رسالة واضحة للعالم بأن سوريا الجديدة تسير نحو الشفافية والمحاسبة، وإذا ما استُكمل هذا النهج بتوسيع دائرة استثمار الأصول المصادرة، فإنه قد يشكل رافعة قوية لجذب الاستثمارات ودعم مسيرة إعادة الإعمار.