الثورة – همسة زغيب:
صدر عن دار سوريانا الدولية للدراسات والترجمة والنشر، ديوان “الأعجوبة الثامنة” للشاعر فراس ديب السلمان، في مشهد شعري يفيض بالصدق، الشغف، والحنين، ليكون باكورة أعماله الشعرية المطبوعة، حاملاً بين دفتيهِ 33 قصيدة موزعة على 112 صفحة من القطع الأوروبي، بغلاف أنيق صمّمه الفنان هيثم ديواني.
رسالة الديوان
يحمل الديوان بين صفحاته خفقات قلب إنسان محب، وعبرات سطّرها بعبارات تنشد آذاناً صاغية وعيوناً رائية، وتناول عنوان إحدى قصائده “الأعجوبة الثامنة” وهي قصيدة محوريّة تقعُ في منتصف المجموعة، وتشكّلُ صلةَ وصل بين القصائد السابقة واللاحقة، يدعو الشاعر في القصيدة إلى التمسكِ بالأخلاق الفاضلة في زمنٍ يفتقدها، معتبراً أن التحلي بالأخلاق الفاضلة في زمنٍ يفتقدها هو بحد ذاته أعجوبة، وحين تكون إنساناً متواضعاً، صادقاً، محباً، متسامحاً، ومعطاءً في هذا العصر، هو ما يستحق أن يُسمّى “الأعجوبة الثامنة”.
يغلبُ على الديوان طابع الحب العذري، إذ تتوزع القصائد بين مشاعر الشوق، الذكريات، الألم، الفرح، والسكينة، وتظهر صورة المحبوبة كأطلالٍ يُبكى عليها، في مشهدٍ شعري يلامسُ القلب ويستدعي الوجدان، كما يخصّ الشاعر والديه بنبضات قلبه، واصفاً إياهما بالجذع والساق اللذين حملا أغصان العائلة حتى نمت وازدهرت.
البعد الاجتماعي والإنساني
لا يكتفي الشاعر بالبوح العاطفي، بل يتطرق إلى وجعِ المجتمعِ، فيرصدُ معاناةَ العامل في سبيلِ لقمةِ العيش، ويعبّرُ عن الفقر كجرحٍ مفتوح في جسدِ الوطنِ، وتمنحُ المقاطع الديوان بعداً إنسانياً عميقاً، وتجعله أكثر من مجرد تأملات شعرية، بل شهادة وجدانية على واقعٍ يعيشهُ الناس يومياً. معظم القصائد جاءت من الشعر الموزون المقفى، مما يعكس تمسك الشاعر بالتقاليدِ الشعرية العربية، مع جرأةٍ في تقديمِ أربع قصائد من الشعر الحر، مما يضفي تنوعاً إيقاعياً على المجموعة ويمنح القارئ تجربة قرائية متعددة الطبقات. من بين القصائد التي تفيض بالوجدان، يبرز نص يعبّر عن وحدة الشاعر وافتقاده للأنسِ، حيث تتداخل الرموز بين الكأس والسيجار والندم، في مشهد شعري يختزل الألم والخذلان:
والرأسُ مخمورٌ والكأسُ مسرورٌ
والتبغ منثورٌ هم صُحبتي النَّدمُ
من ذا يُسامرني في خلوتي إلا
كأسٌ وسيجارُ والهمُ والألمُ
أتعبتُ قرطاسي ما خُطّ من وجدٍ
تمحوهُ أنفاسٌ زفراتها ضُرَمُ
ما نفعُهُ الكَلِمُ والحبرُ والقلمُ
ما دام من أهوى إحساسُهُ ثلمُ
قصيدة تختزل وجعاً داخلياً، وتُظهر قدرة الشاعر على تحويل لحظات الانكسار إلى صور شعرية تنبض بالحسِّ والصدقِ.
دعم الأقلام السورية
تواصل دار سوريانا الدولية في دمشق دعمها للأقلام السورية الشابة، وتحرص على تقديم أعمال أدبية تحملُ رؤيةً ثقافيةً وإنسانيةً، في إطار من الاحتراف الفني والترويج الأدبي، ويأتي الديوان ضمن سلسلة من الأعمال، تسعى إلى إبراز الأصوات الجديدة في المشهد الثقافي السوري، مع التركيز على القيم الجمالية والرسائل المجتمعية.