الثورة – إيمان زرزور:
تجدّدت التوترات في محافظة السويداء مع إعلان الشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز شيوخ العقل في الطائفة الدرزية، دعوة صريحة لتأييد الانفصال عن سوريا، وهو ما أثار ردود فعل متباينة في الأوساط المحلية والدولية.
ففي حين عدّ الهجري أن “حق تقرير المصير” مكفول بالمواثيق الدولية، رفضت غالبية مشايخ السويداء هذه الدعوة، وتمسكوا بالانتماء إلى النسيج الوطني السوري، محذرين من مخاطر الانجرار إلى مشاريع خارجية.
تزامنت تصريحات الهجري مع تسريبات عن لقاء مرتقب بين وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، برعاية المبعوث الأميركي توم باراك، ومن المتوقع أن يُطرح خلال اللقاء ملف الأقليات في سوريا، بما فيها وضع الدروز في السويداء، الأمر الذي يثير تساؤلات حول توقيت الدعوة وارتباطها بالمفاوضات الجارية.
مصادر سياسية إسرائيلية دعت، وفق صحيفة الشرق الأوسط، القيادات الروحية والعلمانية إلى عدم تشجيع القوى الانفصالية، والبحث بدلاً من ذلك عن تفاهمات مع الحكومة السورية، وهو موقف يعكس حذراً من أن يؤدي دعم الانفصال إلى فوضى جديدة على الحدود الشمالية لإسرائيل.
تصريحات الهجري لم تمر من دون ردود، فالشيخ ليث البلعوس ممثل “مضافة الكرامة” اتهمه بالتناقض، مشيراً إلى أنه تواصل مع دمشق حتى ما قبل دخول قوات الدولة إلى السويداء، رغم شعاراته التي وصفت دمشق بـ”الإرهاب”.
أما سليمان عبد الباقي، قائد “تجمع أحرار جبل العرب”، فاتهم الهجري بالارتهان لمشاريع خارجية وتلقي تمويلات دولية، مؤكداً أن خطابه يجر المحافظة إلى فتنة داخلية ويضعها في مواجهة مباشرة مع الدولة السورية.
الانتقادات التي وجهها عبد الباقي للهجري أبرزت بوضوح أن الخطاب الطائفي يهدد بتقويض مشروع الدولة الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، فقد أكد عبد الباقي أن هذه القيادة خاضت معركة ضد نظام الأسد المخلوع، وهي اليوم تسعى لبناء سوريا جامعة تحافظ على خصوصية كل منطقة بعيداً عن الانفصال أو الانقسامات.
ويظهر من مجمل التطورات أن خطاب حكمت الهجري حول الانفصال لا يجد صدى واسعاً داخل السويداء نفسها، بقدر ما يثير سجالاً إقليمياً يواكب مسار المفاوضات بين دمشق وتل أبيب، كما أن الانقسام الداخلي بين شيوخ الطائفة وقادة الفصائل، إلى جانب الموقف السوري الرسمي، يوحي بأن الدعوة قد تُستغل كورقة تفاوضية أكثر منها مشروعاً قابلاً للتنفيذ، وفي المحصلة، فإن مستقبل السويداء سيظل رهناً بتوازنات إقليمية معقدة، بينما يبقى خيار الدولة الموحدة الأكثر واقعية لحماية مكوناتها وضمان استقرارها.