بعد ثلاثين عاماً من خدمة “الحقيقة” على الورق، والركض خلف المؤتمرات والبيانات والتصريحات الرسمية، ونقل تصريحات المسؤولين المتعاقبين، يكافأ الصحفي السوري المتقاعد براتب تقاعدي فلكي، أسطوري، مقداره ثلاثون ألف ليرة، أي أقل من ثلاثة دولارات في سوق الأحلام السوداء!.
راتب لا يكفي أجرة تكسي من حيّ إلى آخر في دمشق، ولا يغطي ثمن وجبة شاورما في مطعم شعبي، بل حتى سندويشة الفلافل باتت ترفع حاجبيها استهجاناً حين تسمع الصحفي المتقاعد يتحدث عن راتبه.
والأطرف أن اتحاد الصحفيين قرر “تحديث الخدمة” فحوّل الرواتب إلى المصرف التجاري في خطوة عصرية بلا شك، لكن استخراج البطاقة البنكية كلّف الزميل المتقاعد “د . ح” ستين ألف ليرة، مع أجور النقل، أي ضعف راتبه الشهري!
هكذا تتحول سنوات العطاء إلى مزحة سوداء، فالصحفي لا يجد في تقاعده إنجازاً سوى إنجاز البقاء على قيد الحياة بأقل من ثمن وجبة فول.
ولعل الحل الوحيد أن يمنح الاتحادُ صحفييه المتقاعدين بطاقةَ تعريف جديدة مكتوباً عليها: “صحفي متقاعد.. يعيش على الذكريات لا على الرواتب.”

السابق
التالي