الثورة – ميساء السليمان:
يجمع فاضل جمعة العبد الله بين شغف الراوي وحساسية المسرحي، نصوصه مفعمة بالتجريب، تتأرجح بين اليومي البسيط والتأملات الوجودية، بين البؤس الشعبي وحلم العدالة الإنسانية.
في مسيرة العبد الله، يتقاطع الأدب مع الحياة كما يتقاطع الحلم مع المعاناة، فمن أزقة الحسكة الضيقة خرج صوتٌ يكتب عن الجوع لا ليستسلم له، بل يصنع منه بطولة، وليحوّل خشبات المسرح إلى مرايا تعكس وجوه الناس وأحلامهم.
هو واحد من أولئك الذين آمنوا أن الإبداع ليس ترفاً، بل مقاومة يومية ضد القسوة، وأن الكلمة قادرة على أن تزرع الأمل حتى في أكثر البيئات جفافاً.
وبين روايات تنتظر النشر، ومسرحيات تعانق الخشبة، وقصص تحاكي المهمشين، يظل فاضل جمعة العبد الله شاهداً على أن الأدب الحقيقي يولد من قلب المعاناة، لكنه لا يتوقف عندها، بل يحوّلها إلى جمال خالد.
في مدينة الحسكة، وفي حيّ “الليلية” الشعبي، وُلد فاضل جمعة العبد الله عام 1970، هناك، وسط أزقة ضيقة وواقع قاسٍ، صقلته التجارب منذ الطفولة، فكبر وهو يختزن شغفاً مبكراً بالكلمة والصورة، بين تحديات الحياة اليومية وبين توقه للفن، وُلد مشروعه الإبداعي الذي جمع بين النحت والرسم والقصة والمسرح.
ولفت العبد الله إلى أنه بعد حصوله على إجازة في التربية، التحق بسلك التعليم، قبل أن يجد في المسرح المدرسي بمديرية تربية الحسكة بيتاً آخر يتسع لأحلامه الإبداعية، هناك أدرك أن المسرح ليس مجرد خشبة، بل نافذة للتعبير عن قضايا الناس وإيصال صوت المهمشين.
من النحت إلى الرواية
بدأ العبد الله خطواته الفنية بالنحت، ثم الكاريكاتير، قبل أن يتخذ من القصة والرواية فضاءه الأرحب، وقد انعكس أثر بيئته الغنية بالشخصيات والمشاهد الشعبية في روايته البارزة “بسالة الجوع”، التي شكّلت نواة مشروعه السردي.
من أبرز رواياته “مخطوطات”: بسالة الجوع، الجوع ثانية، ثورة اللون. السيرة المائية “سيرة المياه الدائرة في الوجوه” وصهيل البرفان “الحب”بؤس بالكعب العالي “بويجي”، ونزيف التوت.
في القصة القصيرة، قدّم العبد الله نصوصاً تتسم بالتكثيف والعمق، محمّلة بوجع المكان ودهشة الإنسان، ومن أبرز مجموعاته: الناهبة.. ملا نارسيس- قز القرت وزقنبوت أيضاً- أهوال الكتابة “قصص عن غزة”.
كتب أكثر من عشرين نصاً مسرحياً عُرض معظمها على خشبات المسرح السوري، مزج فيها بين الرمزية والواقع، وبين الطرح الاجتماعي والفلسفي، ومن أبرز أعماله: كعبار “إله التيه المتقمص لحظة الله”- امرأة مشبعة باليباس “بالتعاون مع جواد الأسدي، عُرضت في اللاذقية”- اسمعونا “مسرحية لذوي الإعاقة السمعية”- سوق عكاظ وسوق عكاظ اليوم- حينما تنضج الكليجة- سيمفونية المدن الملونة- وجع الجنوب- شهيد السنابل- نزيف التوت.
كما ترك عدة نصوص لم تُعرض بعد، مثل: مثل الليرة، المتحولون، قرف، كوم بان يس، وغيرها.
حصد 16 جائزة محلية في القصة القصيرة على مستوى القطر السوري، وشارك في مهرجان العجيلي الدولي للرواية – الرقة 2011، وتولى رئاسة لجنة تحكيم القصة لرواد أدب الطفل في الحسكة.