الثورة – ميساء العلي:
“التخطيط ليوم يوفر طعام اليوم فحسب، والتخطيط للمستقبل يملأ المخازن بالقمح”، هذا المثل يجعلنا نفكر ألف مرة عند وضع أي خطة، ومدى قدرتنا على تطبيقها على أرض الواقع، فكل ساعة تستهلك في التخطيط توفر ثلاث أو أربع ساعات في التنفيذ. مقدمة كل ذلك تقودنا إلى أسلوب التعاطي الحكومي عند وضع الخطط والدراسات خاصة إذا كانت تتعلق بقطاعات حيوية تمس المواطن بشكل مباشر.
أداة
يقول المحلل الاقتصادي شادي سليمان في حديثه لـ”الثورة”: إن التخطيط الاقتصادي يبرز كأداة محورية لإعادة صياغة مستقبل سوريا وتجاوز آثار الحرب كونها أفرزت تحديات هائلة على المستويات الإنتاجية والاجتماعية والخدمية، الأمر الذي يجعل من التخطيط المنهجي شرطاً أساسياً لاستعادة التوازن الاقتصادي وتحقيق التنمية.
وأضاف: إن الحكومة الحالية من خلال وزارتها قدمت تصوراً مسبقاً لخطة عمل كل وزارة على حدة لتحقيق الأهداف المرجوة.
أولويات
ويتابع كلامه: قطاعات حيوية مثل الكهرباء، النقل، المياه، والاتصالات تضررت خلال سنوات الحرب كلها تحتاج إلى تخطيط اقتصادي يتم من خلاله تحديد الأولويات بحيث توجه الموارد نحو القطاعات الأكثر إلحاحاً، مع وضع برامج استثمارية طويلة الأمد تضمن استدامة الخدمات العامة. وبحسب سليمان، فإن سوريا خسرت جزءاً كبيراً من طاقتها الإنتاجية الصناعية والزراعية والتخطيط هنا ضروري لإعادة تشغيل المصانع ودعم الزراعة الحديثة، وتحقيق الأمن الغذائي، كما يمكن أن يوجه الاستثمارات نحو المشاريع الصغيرة والمتوسطة لخلق فرص عمل والحد من البطالة.
برامج
ويقول المحلل الاقتصادي: إن من أبرز مهام التخطيط الاقتصادي إعادة هيكلة مؤسسات الدولة لتكون أكثر كفاءة وشفافية، وهذا يتطلب برامج إصلاح إداري، وتطوير أنظمة المراقبة والمحاسبة بما يمنع الهدر والفساد. ويرى أنه لا يمكن الحديث عن نهضة اقتصادية من دون معالجة الأبعاد الاجتماعية ولذلك ينبغي أن يوازن التخطيط بين النمو الاقتصادي وتوزيع مكاسبه على مختلف الشرائح المجتمعية عبر سياسات دعم للفئات الأكثر تضرراً وبرامج إسكان وتعليم وصحة شاملة. ويختم كلامه بالقول: إن التخطيط في سوريا ما بعد التحرير ليس خياراً، بل ضرورة وطنية فهو يحدد الأولويات، يوجه الموارد بكفاءة، ويضمن أن تكون إعادة الإعمار والتنمية عملية شاملة ومستدامة. ومن دون رؤية تخطيطية واضحة ستبقى جهود إعادة الإعمار ارتجالية وهذا ما يطيل أمد المعاناة الاقتصادية والاجتماعية.