الاقتصاد الريعي ينهار والإنتاجي ينتعش

الثورة – سمر حمامة:

في لحظة مفصلية من تاريخ سوريا، لم يعد من الممكن تجاهل الحاجة إلى تحول هيكلي عميق في بنية الاقتصاد الوطني..عن هذا التحول، وسبل الانتقال من اقتصاد ريعي هشّ إلى اقتصاد إنتاجي تنافسي، بيّن الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي في تصريح لـ”الثورة” أن النموذج الريعي الذي ساد لعقود كان فاشلاً؟، وهذا النموذج أثبت فشله في تحقيق العدالة والكفاءة، فقد اعتمد الاقتصاد السوري على شركات الأشخاص الساعية للربح السريع، مع إهمال أساليب الإدارة والإنتاج الحديث، وغابت المنافسة وتراجعت الشفافية، وتحولت معظم الصناعات السورية إلى مجرد قطاع تعبئة للمواد الأولية المستوردة.

وعن النتائج المترتبة عن غياب الحوافز الإنتاجية، أكد قوشجي، أن ذلك يؤدي إلى فقدان القدرة على خلق قيمة مضافة، وتراجع مساهمة الصناعة والزراعة في الناتج المحلي لصالح أنشطة ريعية غير مستدامة.

كما عانى الاقتصاد من تقلبات الأسعار العالمية، وضعف إنتاج مستلزمات الزراعة محلياً، وارتفاع البطالة في بعض المناطق إلى أكثر من 50 بالمئة.

نحو اقتصاد إنتاجي

وعن المبادئ الأساسية للتحول الاقتصادي بعد الثورة، كشف قوشجي أن المطلوب هو بناء اقتصاد حر يعزز تنافسية الأسواق المحلية، ويُصلح بيئة الاستثمار لتصبح أكثر شفافية وجاذبية، وهذا يتطلب إعادة توزيع الاستثمارات على القطاعات الإنتاجية كالصناعة والزراعة والطاقة، وتحقيق عدالة جغرافية في التنمية.

وفي رد على سؤال: كيف تأثر حجم الاستثمار بين عامي 2010 و2024؟.

قال الدكتور قوشجي: إن الاستثمارات شهدت تراجعاً حاداً من نحو 2 مليار دولار عام 2010 إلى 43 مليوناً فقط عام 2024، وتراجعت الزراعة من 240 مليوناً إلى 5 ملايين، والصناعة من 500 مليون إلى 10 ملايين، والسياحة من 360 مليوناً إلى 4 ملايين، فيما حافظ قطاع الطاقة نسبياً على بعض الجاذبية (من 400 مليون إلى 13 مليوناً)، وهذا الانهيار يعكس أزمة ثقة عميقة وغياب استراتيجية وطنية واضحة.

الشركات المساهمة ودورها

وحول المراهنة على الشركات المساهمة كنموذج اقتصادي، أوضح قوشجي أنها لا تعبئ رأس المال فحسب، بل تخلق ثقافة مؤسسية حديثة، وتعزز الشفافية والمساءلة، وتطوير سوق دمشق للأوراق المالية سيعيد الثقة للمدخرين والمستثمرين، خاصة أن الحد الأدنى لرأس المال المطلوب للتأسيس ليس مرتفعاً (100 ألف دولار تقريباً).

ولجهة تقييم المشاريع الاستثمارية الأجنبية المعلنة حديثاً، أكد قوشجي أن حجمها بلغ نحو 14 مليار دولار، لكن معظمها ذو طابع إنشائي وفندقي، وليست إنتاجية، كما أن 65.5 بالمئة منها تركزت في دمشق وحلب وريف دمشق، ما يكرس الفوارق التنموية، ولتحقيق أثر اقتصادي فعّال، يجب إعادة توجيه هذه الاستثمارات إلى الزراعة والصناعة والطاقة، وربطها بهياكل شركات مساهمة عامة لضمان الشفافية وتوزيعها جغرافياً بشكل عادل.

الرؤية المستقبلية – سوريا

2035وعن ملامح خارطة الطريق المقترحة للاقتصاد السوري، أوضح أن العنوان هو “سوريا 2035: من الريع إلى الإبداع”، ويتطلب ذلك صياغة أطر تشريعية جديدة، وتفعيل الشركات المساهمة العامة والخاصة لرصد المدخرات الوطنية وجذب الاستثمارات الأجنبية.

وقال: لا بد من تنشيط القطاع الصناعي كمحرك أولي للنمو، ودعم ريادة الأعمال عبر صناديق تمويل وطنية، وتسهيل تأسيس الشركات الناشئة، مع إصلاح النظام الضريبي والتمويلي ليكون أكثر عدالة.

وبيّن أن الرقمنة تفتح آفاقاً جديدة لتعزيز الشفافية وتسريع الإجراءات، فيما تضمن الشراكات بين القطاعين العام والخاص تنفيذ مشاريع إنتاجية كبرى تحقق توزيعاً عادلاً للفرص الاقتصادية عبر جميع المحافظات، كاشفاً أن الانتقال من اقتصاد ريعي هشّ إلى اقتصاد إنتاجي تنافسي ليس مجرد إجراء إداري أو قانوني، بل هو مشروع وطني شامل يستند إلى إرادة سياسية جريئة وإصلاح مؤسسي عميق، ونجاح هذا التحول يقاس بمؤشرات واضحة مثل مساهمة القطاعات الإنتاجية في الناتج المحلي ومعدلات التوظيف الصناعي.

ويختم بالقول: آن الأوان لسوريا أن تكتب فصلاً جديداً في تاريخها الاقتصادي، عنوانه: الإنتاج والكفاءة والعدالة المستدامة.

آخر الأخبار
الزراعة الحافظة.. مواسم مقاومة للجفاف في ريف حلب أياد من ذهب تحفظ الطين من النسيان المرأة السورية.. شريك فاعل في التغيير السياسي والاجتماعي الأطراف الصناعية .. بين الأمل والنقص! الاقتصاد الريعي ينهار والإنتاجي ينتعش التخطيط الاقتصادي.. في مواجهة الأزمات الزراعة المائية.. ثورة زراعية بلا تربة تجهيز طابق للعيادات الشاملة بمحردة وتنفيذ شارع في طرطوس التهريب يزدهر.. هل تتحرك الجهات المعنية؟ العودة الى المدارس.. همٌّ يتجدد! القمة العربية الإسلامية الطارئة تنطلق في الدوحة اليوم بين الركام.. رفات تكشف صمت المفقودين الأمان القانوني والفرص المجزية مفاتيح جذب المستثمرين بطالة الشباب الجامعي.. تحدًّ يهدد الطاقات مدرسة زملكا للبنات.. خطوة نحو تعليم مستدام وبيئة محفزة خفض أجرة النقل الداخلي .. بين رغبة المواطن وغلاء الوقود الدفاع المدني يجدد المطالبة بالإفراج عن "العمارين" بعد 60 يوماً من اختطافه لجين.. اختصرت طفولتها بمرحلة بسيطة وتجاوزتها بسرعة كبيرة استعدادات مكثفة لانطلاق حملة «الوفاء لإدلب» وترتيبات إعلامية وميدانية شاملة التقنيات الذكية في خدمة التعليم الشامل