الثورة – وفاء فرج:
تتعالى أصوات الصناعيين محذرة من ازدياد خطر التهريب على الصناعة الوطنية، مطالبين باتخاذ إجراءات حازمة تجاه هذا الأمر.

استنزاف للموارد
الصناعي نزيه شموط، أكد لـ”الثورة” أن التهريب هو الخطر الأكبر والأكثر ضرراً على الصناعة السورية، فهو لا يضرب معاملنا فقط، بل يستنزف موارد الدولة ويقضي على فرص العمل.
وقدم مثالاً بسيطاً على ذلك، في أن شاحنة ألبسة واحدة بوزن 20 طناً تحرم خزينة الدولة من 80 ألف دولار جمارك، وإذا افترضنا دخول 10 سيارات فقط يومياً، فهذا يعني خسارة 800 ألف دولار يومياً، أي ما يعادل 24 مليون دولار شهرياً، مبيناً أن هذا المبلغ الضائع وحده يكفي لتغطية رواتب 160 ألف جندي على الحدود (براتب 150 دولار شهرياً للجندي)، أو لإعالة عشرات آلاف العائلات، أو حتى لتحسين البنية التحتية الكهربائية في المدن الصناعية.
وأوضح أنه في الوقت الذي نبحث فيه عن استثمارات بمليارات الدولارات لجذب فرص عمل جديدة، نجد أن أمامنا مئات آلاف فرص العمل المهدورة بسبب التهريب، وأن أي استثمار خارجي لا يمكن أن يؤتي ثماره إذا لم يُضبط هذا النزيف أولاً.
وأكد شموط أن المعامل الوطنية تدفع ضرائب، والجمارك وغيرها الكثير، وتكافح للبقاء، بينما التهريب يفتح الباب واسعاً للفوضى ويغلقه بوجه أي نمو اقتصادي حقيقي.
وطالب بإجراءات عملية صارمة للسيطرة على الحدود وضبط حركة البضائع غير الشرعية حتى نحمي الصناعة ونحافظ على قوت الناس وموارد الدولة.
أخطر الآفات
الخبير الاقتصادي الدكتور فادي عياش قدم وجهة نظره بموضوع التهريب، وعرّف التهريب أنه القيام بإدخال البضائع إلى البلاد، أو إخراجها منها بصفة غير شرعية من دون أداء الرسوم الجمركية، والرسوم والضرائب الأخرى كلياً أو جزئياً، أو خلافاً لأحكام المنع والتقييد الواردة في الأنظمة والقوانين والتشريعات ذات الصلة المعتمدة في هذا البلد.
واعتبر أن التهريب بكل أشكاله يعد أحد أخطر الآفات التي تواجه المجتمعات والاقتصاديات لما لها من آثار سلبية ومدمرة على المستوى الاقتصادي وكذلك الاجتماعي، وأن أحد أهم مخاطره الاقتصادية هو التأثير السلبي على الإنتاج المحلي بمختلف أشكاله الزراعي والصناعي وحتى التقني والفكري، وبالتالي تأثيره الكبير على الإيرادات العامة ومعدلات التشغيل وفرص العمل.
وأكد الدكتور عياش أن التهريب نشاط منظم ومعقد تعجز الكثير من البلدان حتى الكبرى منها، عن التغلب عليه وأن كل الدول تسعى لمكافحته وتقييده والحد من خطورته، كاشفاً عن أخطر أنواع التهريب وأكثرها تأثيراً مدمراً وأعقدها في المواجهة، هو تهريب الممنوعات كالسلاح والمخدرات والبشر، ويأتي بعده التهريب النظامي وهو مصطلح يرتبط بالتهريب عبر المنافذ الحدودية الرسمية من خلال التلاعب بالكميات والأسعار والمواصفات للتهرب من الرسوم وزيادة الربحية.
شبكات منظمة
وأوضح أن هذه الأنواع من التهريب تكون عبارة عن شبكات منظمة وقوية وذات تشابكات كبيرة محلية وخارجية، أما ما سنتعرض له فهو التهريب التجاري أو الجمركي والذي يتم عبر منافذ حدودية غير شرعية، (الذي يهدف لتعظيم الأرباح عبر التهرب الكامل من دفع الرسوم والضرائب، وكذلك التهرب من الرقابة الحكومية المتعلقة بالكميات والمواصفات والأسعار).
وأكد الدكتور عياش أن أفضل الطرق لمكافحة التهريب التجاري أو الجمركي، هي معالجة أسبابه ودوافعه، مبيناً الأسباب الموضوعية للتهريب التجاري تكمن في عجز العرض المحلي عن تلبية الطلب، وبالتالي يجب القيام بما يلزم لتنشيط الإنتاج المحلي وزيادته وإتاحته بالشكل الكافي لتلبية الطلب بشكل مرضٍ.
كذلك تلعب أسعار المنتجات المحلية دوراً هاماً في تشجيع التهريب إذا كانت أعلى من أسعار دول الجوار أو الأسعار العالمية. وهذا يكون مرده إلى حالات الاحتكار أو ارتفاع التكاليف أو المبالغة في الأرباح، والعامل الآخر هو يتعلق بالمواصفات والجودة ومدى انسجامها مع السعر.
مسؤولية وطنية
وبحسب الدكتور عياش يجب الانتباه إلى أن مكافحة التهريب عملية مركبة تتطلب جهوداً حكومية عبر القوانين والتشريعات والإجراءات، وكذلك جهود مجتمعية عبر ثقافة ووعي المجتمع لخطورة التهريب ومقاطعة السلع المهربة وتشجيع الإنتاج المحلي (بعد تحقيق متطلبات الوفرة والسعر والجودة)، وهذا يتطلب قيام منظمات مجتمعية متخصصة في هذا السياق.
ويرى الخبير عياش أن مكافحة التهريب واجب ومسؤولية وطنية على عاتق السلطات والمجتمع معاً، وهي ضرورة لحماية الاقتصاد الوطني ولاسيما الإنتاج المحلي من جهة، وكذلك لتحصين وحماية المجتمع من جهة أخرى.