الثورة – أسماء الفريح:
مع انخفاض إنتاج القمح بنسبة 40 بالمئة في سوريا جراء أسوأ جفاف تشهده منذ عقود، يؤكد مسؤولون أمميون أن تقديم الدعم يعد حلاً مؤقتاً، وأن تعزيز الاستقرار في البلاد على المدى الطويل يكون عبر مساعدة المزارعين على البقاء في أراضيهم ومواصلة الإنتاج.
ونقل موقع بي بي سي عن ماريان وارد مديرة برنامج الأغذية العالمي في سوريا قولها: “نسعى لإبقاء الناس في مجال الزراعة”، مشيرة إلى أنها عملت على تقديم 8 ملايين دولار، كمدفوعات مباشرة لصغار المزارعين، نحو 150 ألف شخص ممن فقدوا جميع محاصيلهم.
وأضافت: “إذا لم تكن ستجني المال، فستترك الأرض.. وعندها لن تجد من يعمل في القطاع الزراعي الضروري للاقتصاد.
“ويتحدث تحقيق البي بي سي عن معاناة القطاع الزراعي في سوريا بعد أكثر من عقد من الحرب من انهيار اقتصادي، وتدمير أنظمة الري، وزرع الألغام في الحقول، مشيراً إلى أنه كان من المفترض أن تكون حقول القمح خارج منطقة السقيلبية، قرب حماة مليئة بالحبوب وذهبية اللون لكنها أصبحت بدلاً من ذلك ووفقاَ لأحد المزارعين فيها ويدعى ماهر حداد “46” عاماً جافة وخالية، بالكاد تُنتج ثلث محصولها المعتاد في إشارة منه إلى أرضه البالغة مساحتها 40 دونماً.
ويقول حداد وهو يتأمل في الأرض التي كلفته زراعتها أكثر مما أعطته: “كان هذا العام كارثياً بسبب الجفاف”، موضحاً أن حقوله لم تنتج سوى 190 كيلوغراماً من القمح للدونم الواحد – وهو أقل بكثير من 400- 500 كيلوغرام التي كانت تنتجها في عام عادي.
ويتابع حداد: “لم نستعد ما أنفقناه على الزراعة، لقد خسرنا المال.. لا أستطيع تمويل نفقات الموسم المقبل، ولا أستطيع تغطية تكاليف الطعام والشراب”.
وتتابع البي بي سي أن أصداء معاناة حداد تتردد في جميع أنحاء سوريا، حيث أدى أسوأ جفاف منذ 36 عاماً إلى انخفاض إنتاج محاصيل القمح بنسبة 40 في المئة، وهو ما يدفع البلاد إلى حافة أزمة غذائية أوسع نطاقاً.
وكان تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) أشار إلى أن سوريا ستواجه نقصاً في القمح، قدره 2.73 مليون طن هذا العام، وهو ما يعادل الاحتياجات الغذائية السنوية لـ 16.25 مليون شخص.
وحذّر بيرو توماسو بيري، كبير مسؤولي برامج المنظمة في سوريا، من أنه من دون المزيد من المساعدات الغذائية أو القدرة على استيراد القمح، فإن أزمة الجوع في سوريا ستتفاقم بشكل كبير.
وأظهر التقرير نفسه أن هطول الأمطار انخفض بنحو 70 في المئة، ما أدى إلى بوار 75 في المئة من الأراضي الزراعية المروية بمياه الأمطار في سوريا.
وقال بيري: “هذا هو الفرق بين قدرة الأسر على البقاء في مجتمعاتها أو إجبارها على الهجرة.. بالنسبة للأسر الحضرية، يعني ذلك ارتفاع أسعار الخبز وبالنسبة للأسر الريفية، يعني ذلك انهيار سبل عيشها”.
ويقول الدكتور علي علوش، مدير الزراعة في دير الزور إن حقول القمح تحتاج إلى الري من أربع إلى ست مرات في الموسم، ولكن بسبب قلة الأمطار، لم يتمكن معظم المزارعين من تحقيق ذلك.
وأضاف أن: “الشغل الشاغل للمزارع هو تأمين المياه، والماء يتطلب وقوداً.. وقد ارتفع سعر الوقود بشكل كبير، ليصل إلى 11 ألف وإلى 12 ألف ليرة سورية للتر”، كما أدى ارتفاع أسعار الوقود وانقطاع الكهرباء إلى صعوبة الحصول على مضخات المياه، وتراكم الديون على العديد من المزارعين.
ويتابع الدكتور علوش أن من أولويات إدارته والحكومة ضخ الأموال في مشاريع الري – مثل أنظمة الري بالتنقيط التي تعمل بالطاقة الشمسية والتي ستجعل المياه في متناول المزارعين، لكن مشاريع كهذه تتطلب وقتاً ومالاً، معتبراً أنها رفاهية لا يملكها مزارعو القمح حالياً.
جدير بالذكر أن الفاو كانت أطلقت بالتعاون مع وزارة الزراعة السورية قبل أشهر المرحلة الثانية من مشروع تعزيز القدرة على الصمود المحلي في سوريا التي تستهدف تقديم الدعم لـ 144 ألف عائلة منتشرة في سبع محافظات سورية بدءاً من نيسان 2025وحتى آذار 2028 تشمل تأمين مدخلات زراعية متعددة لتحسين وتطوير الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وإعادة تأهيل شبكات الري، وتحسين الموارد المائية، وتقديم المعلومات والإرشادات الضرورية للتخفيف من الضرر البيئي وغيرها.
فيما أكد وزير الزراعة الدكتور أمجد بدر أن المرحلة الثانية من المشروع تعدّ خطوة أساسية في بناء قدرات المزارعين، وتمكينهم لمواجهة الصعوبات التي أثرت على واقع الزراعة في سوريا لجهة الموارد والمستلزمات اللازمة في ظل موجة الجفاف التي أصابت البلاد، وأثرت في مواسمها الزراعية.