الثورة – جهاد الزعبي:
تشهد محافظة درعا تراجعاً ملحوظاً في أعداد الأغنام والأبقار والدجاج، نتيجة الجفاف وقلة المراعي وارتفاع أسعار الأعلاف، وتراجع أسعار اللحوم بشكل ملحوظ مقارنة مع أسعار العام الماضي.
ثلاثة ملايين للطن
وفي سياق ذلك، أفاد مربّيا الماشية، عدي الصلخدي، وفهد العليان، أن الظروف الحالية التي تشهد غلاء كبيراً بأسعار الأعلاف في السوق وقلة المراعي الطبيعية، وضعت المربين أمام خسائر فادحة، وأصبحت تهدد مصدر رزق آلاف العائلات التي تعتمد على تربية الثروة الحيوانية، والتي تُعد ركيزة أساسية للاقتصاد المحلي. وأشار المربي سلطان حسن إلى أن رفع الدعم عن المربين وتحرير أسعار الأعلاف مؤخراً، كان لهما الدور الكبير في زيادة تكاليف تربية الثروة الحيوانية، حيث بلغ ثمن طن العلف الخاص بالأغنام نحو ثلاثة ملايين ليرة، والدجاج أكثر من ذلك، وهذا الأمر رتّب نفقات إضافية على المربين، وأوقعهم في خسائر كبيرة، ما أدى إلى تركهم هذه المصلحة والتوجه لأعمال أخرى.
خسائر مزدوجة
وعن خسائر المربين، قال مربي الأغنام محمد اليوسف: إن قلة الأعلاف وارتفاع أسعارها بشكل كبير، في وقت تشهد فيه الأسواق انخفاضاً في أسعار الأغنام، يضعنا أمام خسائر مزدوجة، تهدد استمرار هذه المهنة، حيث تراجعت أسعار كيلو الغنم الحي حالياً من 50 ألف ليرة إلى 30 ألفاً، وهذا الأمر كان له دور في زيادة الخسائر. وكشف أحمد الصاوي، أن قلة الأمطار في الموسم الماضي، أدت ليباس مساحات كبيرة من المراعي الطبيعية التي كانت توفر وجبات غذائية مجانية للثروة الحيوانية، وبالتالي اضطر المربون لشراء “التبن” وبقايا المحاصيل الزراعية والأعلاف بأسعار كبيرة لإطعام القطيع. وفي السياق ذاته، أشار محمد برمو، صاحب جاروشة أعلاف، إلى أن الطلب على الأعلاف مرتفع جداً، لكن الكميات المتوفرة قليلة ولا تكفي لأعداد القطيع، منوهاً بأن غياب الدعم والرقابة على الأسعار، أدّيا إلى استغلال بعض التجار للظرف، فرفعوا أسعار المواد العلفية مثل الشعير والقمح والذرة وفول الصويا بشكل مبالغ فيه، وفي حال استمرار هذا الواقع، فإن الثروة الحيوانية في المنطقة مهددة بتراجع كبير.
مخاوف
من جانبه، عبّر المربي محمد أبو السل عن مخاوفه من استمرار الوضع الحالي وخساراته المتعاقبة، حيث ذكر أن الثروة الحيوانية تمر بأسوأ مرحلة منذ سنوات. وأضاف: منذ صيف العام الماضي وحتى اليوم أنفقتُ ما يقارب 250 مليون ليرة سورية فقط لتأمين الغذاء لنحو 170 رأساً من الأغنام، معتبراً أن استمرار الوضع الراهن يهدد مستقبل المربين، ويؤثر في مصير الثروة الحيوانية، التي تُعد المصدر الأساسي للرزق بالنسبة لسكان المنطقة.
عن أعداد الثروة الحيوانية في درعا، أكد رئيس اتحاد فلاحي درعا، المهندس فؤاد الحريري، أنها تقدر حالياً بـ 616 ألف رأس من الأغنام، و92 ألف رأس من الماعز، و39 ألف رأس من الأبقار، موضحاً أن تلك الأعداد في حالة تراجع مستمر، بسبب صعوبة تأمين الأعلاف وارتفاع أسعارها، حيث يضطر المربي إلى لبيع جزء من قطيعه لتغطية تكاليف الغذاء، وهو ما يشكل خطراً على استدامة الثروة الحيوانية.
“الأعلاف” توضّح
من جانبه، أشار مدير فرع مؤسسة الأعلاف المهندس فراس الشرع، إلى أن أسعار الأعلاف تبدأ من 275 دولاراً للطن، وتصل إلى نحو 500 دولار، وذلك حسب نوع المادة العلفية وتركيبتها، وهذا الأمر أدى لعدم إقبال المربين على الشراء من المؤسسة، لأن أسعار السوق الخاص تنافسها وأقل منها.
بخصوص الحلول المطروحة، لفت رئيس اتحاد الفلاحين إلى أن الاتحاد يعمل مع الوزارات المعنية لتأمين الأعلاف بعيداً عن احتكار التجار، وطالب المنظمات الدولية بالتدخل العاجل لتأمين الأدوية والأعلاف اللازمة، والمساهمة في الحفاظ على الثروة الحيوانية في المحافظة، داعياً إلى مبادرات توعوية، بالتعاون مع مديريات الزراعة، لتشجيع المزارعين على زراعة محاصيل رعوية جديدة مناسبة لطبيعة المنطقة ولا تحتاج إلى كميات كبيرة من مياه الري. بمقابل ذلك، أكد المربي ماهر برمو أن نقص الأعلاف وغلاء أسعارها وعدم قدرة المربين على تقديم العلائق العلفية والأدوية المناسبة، أدت لقلة إنتاجية الحليب والبيض وقلة التكاثر والولادات، وبالتالي خسارة المزيد من أعداد القطيع وتراجع الإنتاجية بشكل ملحوظ.
دعم المربين
مربون وخبراء بالثروة الحيوانية، ومنهم الطبيب البيطري وهيب المقداد، طالبوا بالتدخل السريع وإعادة دعم المربين، وتوفير الأعلاف بسعر مناسب، حتى لا نخسر قطاع الإنتاج الحيواني في درعا وباقي المحافظات، ما سينعكس سلباً على الأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي في جنوب سوريا، وهذا الأمر يتطلب تحركاً عاجلاً من الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية، لتأمين الأعلاف بأسعار مناسبة وضمان استمرار دورة الإنتاج الحيواني.