الثورة – فردوس دياب:
تشارك وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات في الاجتماع المُنعقد بمقر الأمم المتحدة في نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، بمناسبة الذكرى الثلاثين للمؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة (مؤتمر بكين 1995)، والذي يُعد محطة تاريخية في مسيرة دعم حقوق النساء وتمكينهن.
وتُشكل هذه المشاركة أول حضور رسمي سوري على مستوى وزاري في أعمال المؤتمر، بما يؤكد التزام الجمهورية العربية السورية بالانخراط في الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات حول العالم.
ما هو مؤتمر “بكين 1995″، الذي ستشارك فيه الوزيرة قبوات؟.
في الرابع من أيلول عام 1995، احتضنت العاصمة الصينية بكين، واحداً من أهم المؤتمرات العالمية في مجال حقوق المرأة، هو المؤتمر العالمي الرابع للمرأة، الذي انعقد تحت رعاية الأمم المتحدة بمشاركة نحو 17 ألف مندوب رسمي، إضافة إلى أكثر من 30 ألف ناشط وناشطة من منظمات المجتمع المدني، ما جعله حدثاً غير مسبوق في حجمه وتنوعه.
منهاجه وإعلانه
جاء المؤتمر تتويجاً لمسار طويل من النضال النسوي، ليؤكد على المساواة بين الجنسين كشرط أساسي لتحقيق التنمية والسلام، وتمكين المرأة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ومحاربة كل أشكال العنف والتمييز القائم على النوع الاجتماعي، وإدماج قضايا المرأة في استراتيجيات التنمية المستدامة عالمياً.
أبرز ما خرج به المؤتمر كان تبني “إعلان ومنهاج عمل بكين”، وهو وثيقة استراتيجية وضعت 12 مجالاً حيوياً لتحسين أوضاع النساء، من بينها، التعليم، الصحة، الاقتصاد، المشاركة السياسية، حقوق الإنسان، الإعلام، والبيئة، وتُعتبر هذه الوثيقة حتى اليوم المرجع الدولي الأبرز لسياسات النهوض بالمرأة.
وشهد المؤتمر لحظات فارقة، أبرزها الخطاب الشهير للسيدة الأميركية الأولى آنذاك هيلاري كلينتون، الذي أكدت فيه أن “حقوق المرأة هي حقوق الإنسان”، وهذا الخطاب أصبح شعاراً عالمياً لحركات الدفاع عن النساء.
ومنذ “بكين 1995″، تبنّت دول عديدة إصلاحات في القوانين والسياسات، وشهد العالم تقدماً ملحوظاً في ارتفاع نسب تعليم الفتيات، وزيادة مشاركة النساء في سوق العمل، تزايد تمثيلهن في البرلمانات والحكومات، وتطور التشريعات المناهضة للعنف والتمييز، كما دفع المؤتمر الكثير من الدول إلى إدخال تعديلات دستورية وقانونية لضمان حقوق النساء، وإن بدرجات متفاوتة.
بوصلة لحقوق المرأة
بعد مرور ما يقارب ثلاثة عقود، ما زال “منهاج عمل بكين” يمثل بوصلة الحركة النسوية العالمية، ورغم التقدم المحقق، تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن الطريق لا يزال طويلاً لتحقيق المساواة الكاملة، خاصة في مواجهة العنف والتمييز والأجور غير العادلة.
المؤتمر، لم يكن مجرد اجتماع دولي عابر، بل شكّل محطة تاريخية مفصلية أعادت صياغة مفهوم حقوق المرأة، وربطت قضاياها بالتنمية والسلام والعدالة الاجتماعية.
وقد سبق مؤتمر بكين ثلاثة مؤتمرات كبرى حول المرأة، في المكسيك (1975)، كوبنهاغن (1980)، ونيروبي (1985)، لكنها جميعاً لم تحظَ بنفس الزخم السياسي والإعلامي الذي رافق بكين، فقد جاء هذا المؤتمر في لحظة شهد فيها العالم تحولات كبيرة، هي نهاية الحرب الباردة، صعود العولمة الاقتصادية، وتزايد الوعي بدور المرأة في المجتمعات الحديثة.
سيبقى “مؤتمر بكين 1995” علامة فارقة في مسيرة حقوق المرأة، فقد جمع بين الطابع الرسمي والبعد الشعبي، بين المطالب السياسية والنضال الاجتماعي، وبين الطموح العالمي والخصوصيات المحلية، ورغم العقبات، فإن رسالته الجوهرية ما زالت تتردد، “لا تنمية ولا عدالة ولا ديمقراطية من دون تمكين المرأة”.
يذكر أن وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات انضمت إلى الوفد الرئاسي برئاسة رئيس الجمهورية أحمد الشرع، للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.