العزوف عن العلاج النفسي.. وصمة اجتماعية أم جهل؟

الثورة – ثناء أبو دقن:

في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها الإنسان المعاصر من ضغوط العمل، والتغيرات الاجتماعية، والاضطرابات العاطفية، تبرز الحاجة الملحّة إلى طلب الدعم النفسي المحترف.. ومع ذلك، لا يزال كثيرون يعزفون عن طلب المشورة النفسية، رغم معاناتهم من مشكلات قد تؤثر على صحتهم النفسية والجسدية، والتوازن في حياتهم.

الأستاذة خلود بدران المتخصصة بالعلاج النفسي، ومدير مركز فكر وقلب للدعم النفسي، تبين أسباب العزوف عن طلب المشورة النفسية، موضحة أن العزوف عن طلب المشورة النفسية ظاهرة شائعة في كثير من المجتمعات، ورغم توفر الاختصاصيين والمراكز المتخصصة، لا يزال كثير من الناس يترددون في اللجوء إلى الدعم النفسي المتخصص، مشيرة إلى أنها سوف تتناول كل جانب من جوانبه.

الخوف من الوصمة الاجتماعية

لا تزال النظرة المجتمعية السلبية تجاه من يلجأ إلى الطبيب أو المستشار النفسي تشكل أحد أبرز العوائق، إذ يُنظر إلى من يطلب المساعدة النفسية على أنه شخص ضعيف أو مجنون أو يعاني من اختلال في التوازن النفسي، وهو ما يدفع الكثيرين إلى إخفاء معاناتهم، من خلال تسليط الضوء على تجارب أشخاص معروفين تجاوزوا أزمات نفسية بمساعدة مختصين، ما يساهم في كسر الحواجز.

وتضيف الاختصاصية بدران: إن الكثير من الأشخاص لا يدركون أن ما يعانونه من قلق، أو اكتئاب، أو نوبات هلع، يمكن علاجه بمساعدة مختص نفسي.

وقد يفسّر البعض هذه الأعراض على أنها جزء طبيعي من الحياة أو نتيجة أمور قدرية وإذا اشتكى الإنسان منها فهي لضعف إيمانه أو ضعف في شخصيته.

وبينت أنه لابد من نشر الوعي أولاً وأخيراً عبر الحملات الإعلامية والبرامج التعليمية لتعريف الناس بأهمية الصحة النفسية وفعالية العلاج النفسي.

تعزيز دور الأسرة والمدرسة

ففي ملاحظة التغيرات السلوكية لدى الأفراد يجب تشجيعهم على طلب المساعدة من دون خجل، كاستخدام التكنولوجيا مثل التطبيقات والمواقع التي تقدم استشارات نفسية عن بُعد، ما يوفر خصوصية أكبر ويسهّل الوصول للمساعدة.

ولفتت كيف يشعر البعض بالخوف من أن يُساء فهمهم أو يُحكم عليهم عند الحديث عن مشاعرهم أو أفكارهم الخاصة، ولاسيما إذا كانت تتعلق بصدمات أو تجارب حساسة، أو الخوف، إضافة إلى الخوف من تسجيل هذه المشكلة أو المعاناة في سجله الصحي، وهلعه أن يتم تداول هذه الوثيقة الصحية بين الأفراد أو أماكن العمل.

تكاليف العلاج النفسي

وأوضحت بدران أن العلاج النفسي في المراكز الخاصة مكلف مادي، ولا يغطيه التأمين الصحي، ما يجعل الحصول عليه صعباً على فئات كثيرة، أما اللجوء إلى المراكز العامة فهو يعاني من مشكلات كثيرة أهمها فقدان الخصوصية والسرية، والخوف من نظرة الناس إليهم وإلصاقهم بصفة هم بعيدون عنها لأن أغلب المرضى الذين يأتون إلى هذا المكان هم من المدمنين لجميع أنواع الإدمان ، ولا ننسى الاضطرار إلى الانتظار الطويل، لحين مقابلة المعالج أو الاختصاصي.

وحول إمكانية دمج العلاج النفسي في النظام الصحي العام، أوضحت أنه يجب على المؤسسات الصحية الرسمية والحكومية المساعدة في تقديم المشورات والعلاج النفسي والخدمات النفسية بشكل مجاني أو منخفض التكلفة لتسهيل ومساعدة المرضى في الوصول إليه.

أما نقص الثقة في فاعلية العلاج النفسي، فهناك من لا يؤمن بجدوى التحدث إلى مستشار نفسي، ويفضّلون الاعتماد على الذات أو طلب النصح من الأهل والأصدقاء فقط، لذلك، من الضروري نشر الوعي بثقافة الصحة النفسية، والتأكيد على أن طلب المساعدة ليس ضعفاً، بل هو خطوة شجاعة نحو التعافي، كما يجب أن تعمل المؤسسات التعليمية والإعلامية على كسر الحواجز النفسية والاجتماعية، وتشجيع الناس على الاهتمام بصحتهم النفسية كما يهتمون بصحتهم الجسدية.

هروب نحو الانهيار

أما عن نتائج هذا العزوف، فقد تكون خطيرة، إذ يؤدي تجاهل المشكلات النفسية إلى تفاقمها، ما يؤثر سلباً على حياة الفرد الشخصية فهو قد يؤدي إلى تردي الأداء الدراسي أو المهني والعلاقات الاجتماعية، ويزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب أو القلق أو حتى الانهيار النفسي.

ونوهت بأن العلاقة بين النفس والجسد وثيقة، والمشكلات النفسية غير المعالجة قد تؤدي إلى أمراض عضوية مزمنة مثل اضطرابات القلب والمعدة.

ونوهت بأن تجاهل الاضطرابات النفسية سيزيد تفاقمها، ويدفع الشخص الى اللجوء إلى حلول خاطئة، مثل الإدمان، أو العزلة، أو العنف، كطرق للهروب من المعاناة الداخلية، لافتة إلى أن الصحة النفسية ليست رفاهية، بل ضرورة لضمان حياة متوازنة ومنتجة، والعزوف عن طلب المشورة النفسية مشكلة حقيقية تتطلب تضافر الجهود المجتمعية والثقافية والطبية لتجاوزها، فكلما بادر الإنسان بطلب المساعدة مبكراً، زادت فرصته في التعافي، وتحقيق الاستقرار النفسي، والمساهمة الفعالة في مجتمعه.

آخر الأخبار
5 آلاف سلة غذائية وزّعها "الهلال  الأحمر" في القنيطرة آليات لتسهيل حركة السياحة بين الأردن وسوريا دمج الضباط المنشقين.. كيف تترجم الحكومة خطاب المصالحة إلى سياسات فعلية؟  قمة المناخ بين رمزية الفرات والأمازون.. ريف دمشق من تطوير البنية الصحية إلى تأهيل المدارس   زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن.. تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي     تحسن ملحوظ في سوق قطع غيار السيارات بعد التحرير  "إكثار البذار " : تأمين بذار قمح عالي الجودة استعداداً للموسم الزراعي  دمشق تعلن انطلاق "العصر السوري الجديد"   من رماد الحرب إلى الأمل الأخضر.. سوريا تعود إلى العالم من بوابة المناخ   الطفل العنيد.. كيف نواجه تحدياته ونخففها؟   الجمال.. من الذوق الطبيعي إلى الهوس الاصطناعي   "الطباخ الصغير" .. لتعزيز جودة الوقت مع الأطفال   المغتربون السوريون يسجلون نجاحات في ألمانيا   تامر غزال.. أول سوري يترشح لبرلمان آوغسبورغ لاند محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب" سوريا تفتح نوافذ التعاون العربي عبر "معرض النسيج الدولي 2026"  رفع العقوبات إنجاز دبلوماسي يعيد لسوريا مكانتها ودورها الإقليمي