المهجرُ لم يعد حاجزاً.. “سوريا في القلب”

الثورة – مها دياب:

في لحظة فارقة من تاريخ سوريا الحديث، وصل الرئيس أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة الأميركية للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الثمانين.. هذه الزيارة، الأولى لرئيس سوري منذ أكثر من ستين عاماً، حملت في طياتها رسائل سياسية واقتصادية وإنسانية، أبرزها اللقاء الحميمي الذي جمعه بأبناء الجالية السورية في نيويورك.

اللقاء جسَّد مفهوم المواطنة الحقيقية التي لا تحدها المسافات.. أبناء سوريا في المهجر، على الرغم من بعدهم الجغرافي، عبَّروا عن انتماء عميق لوطنهم، واستقبلوا الرئيس الشرع بحفاوة عفوية، عكست مشاعرهم الصادقة تجاه وطنهم الأم.

كما أن كلمات الرئيس كانت دعوة صريحة للوحدة، مؤكداً أن الاختلاف لا ينفي ضرورة التكاتف، وأن سوريا تستحق أن تُبنى من جديد بسواعد أبنائها في الداخل والخارج.

تواصلٌ وجداني

يقول الاستشاري الاقتصادي حمزة حمزة، المقيم في ألمانيا لـ”الثورة” عبر “الواتساب”: إن اللقاء كشف عن عمق الروابط الوجدانية بين أبناء الجالية والرئيس الشرع، الذي خاطبهم بلغة قريبة من القلب، مؤكداً أن سوريا كانت ومازالت نموذجاً للتعايش، وأن إعادة بنائها لا تكون بالأبراج، بل بالمحبة والقوة من السوريين أنفسهم.

وتفاعل واستجابة الجالية، من خلال تقديم مقترحات عملية لدعم جهود الإعمار، في مجالات الاقتصاد والبناء والتعليم، دليل واضح على مدى محبة واستعداد الجميع للتعاون من أجل بناء سوريا.

كما أكَّد أن أهمية هذا اللقاء تأتي من خلال ربط الجالية السورية في المهجر بعجلة الإنتاج الوطني، وأن سوريا تمتلك موارد بشرية مؤهلة، ولكنها تحتاج إلى بيئة استثمارية مستقرة، وإلى تشريعات مرنة تتيح للمغتربين ضخ رؤوس أموالهم في مشاريع تنموية حقيقية.

وبيَّن أن الخبرات الاقتصادية المتقدمة، من إدارة الأعمال إلى التكنولوجيا المالية، يمكن تحويلها إلى أدوات فاعلة في تطوير الاقتصاد السوري، إذا تم توفير ضماناتٍ قانونيةٍ، وتشجيع حكومي واضح.

بناء مستدام

وأما في مجال البناء، شدَّد الاستشاري في هندسة البناء سليمان عفيف، المقيم في كندا، في حديثه لـ”الثورة” عبر “الماسنجر” على ضرورة اعتماد رؤية عمرانية جديدة في إعادة إعمار سوريا، تقوم على الاستدامة والمرونة، مشيراً إلى أن إعادة البناء لا تعني فقط ترميم ما تهدم، بل تصميم مدن ذكية تستجيب لاحتياجات الناس، وتراعي التغيرات المناخية والاجتماعية.

وأضاف: لدينا نماذج ناجحة في دول خرجت من الحروب، واستطاعت أن تبني مدناً حديثة بموارد محدودة، وسوريا قادرة على ذلك، إذا تم إشراك المهندسين السوريين في المهجر في التخطيط والتنفيذ، وتوفير منصات للتعاون بين الداخل والخارج.

استثمار مباشر

رجل الأعمال حسام يوسف، المقيم في الولايات المتحدة، تحدث لـ”الثورة” عبر “الواتساب” عن أمنيته في العودة، و بدء الاستثمار داخل سوريا، مشيراً إلى أن هناك رغبة حقيقية لدى المغتربين في دعم الاقتصاد الوطني، ولكنهم يحتاجون إلى خارطة طريق واضحة، وإلى تسهيلات مصرفية وتشريعية تضمن نجاح المشاريع.

وأكَّد على أهمية إحداث الأثر الاجتماعي والاقتصادي قبل الربحي، والجالية السورية تمتلك شركات ومؤسسات يمكن أن تفتح فروعاً في سوريا، وتوظف مئات الشباب، وتدعم الصناعات المحلية، إذا ما تمَّ ضمن شراكة حقيقية مع الحكومة، وشفافية في الإجراءات.

دور المغتربين

وتحدث يوسف عن اللقاء بأنه يشكل خطوة هامة نحو بناء شراكة وطنية عابرة للحدود، لأن أبناء سوريا في المهجر ليسوا فقط سفراء لوطنهم، بل شركاء في إعادة بنائه، وهذا ما ظهر من خلال كلماتهم أثناء اللقاء، وأنهم أبدوا استعداداً حقيقياً للمساهمة، سواء عبر الاستثمار أم نقل الخبرات أم دعم المبادرات التعليمية والاجتماعية.

وشدَّد على ضرورة أن تتبنى الحكومة السورية آلية مؤسسية لربط الجالية السورية بالخطة الوطنية للتنمية، إذ يمكن إنشاء هيئة مستقلة تعنى بشؤون المغتربين، وتنسق معهم في مجالات الاستثمار، التعليم، والإعمار، وإنشاء صندوق استثماري للمغتربين، ودعم التعليم المهني، كما يمكن إطلاق منصات رقمية تتيح التواصل المباشر بين الخبراء السوريين في الخارج والجهات المعنية في الداخل.

رؤية مستقبلية

وختم بقوله: إن اللقاء في نيويورك شكل نقطة انطلاق لرؤية مستقبلية تقوم على إشراك كل السوريين في بناء وطنهم، فلم يعد المهجر حاجزاً، بل أصبح مساحة إضافية للإبداع والدعم، وأن الجميع مستعدٌ ليكون جزءاً من الحل.

سوريا اليوم بحاجة إلى كل أبنائها، من يعيشون فيها، ومن غادروها قسراً أو اختياراً، فإعادة الإعمار مسؤولية جماعية، والجالية السورية في المهجر تملك القدرة والرغبة، وتنتظر الإشارة لتبدأ.. وكل سوري، أينما كان، يمكن أن يساهم في بناء وطنه، عبر فكرة، أو مشروع، أو دعم، أو حتى كلمة أمل.

آخر الأخبار
" مؤتمر حل الدولتين".. بين الاعتراف الدولي والتعنت الإسرائيلي من المنفى إلى الداخل.. كيف تثمّن القيادة السورية دور المغتربين؟   العالم يعود إلى سوريا.. الدور والمكانة والتاريخ إعادة بناء الثقة مع جالياتنا ودورها في مستقبل سوريا المهجرُ لم يعد حاجزاً.. "سوريا في القلب" مؤشر مهم لتحسين العلاقات.. زيارة الرئيس الشرع إلى أميركا تثلج صدور الجالية حديث الشرع لـ cbs.. رسائل متعددة.. والواقعية السياسية ليست براغماتية من واشنطن إلى دمشق.. التمهيد لانفراج اقتصادي تطوير برامج التمكين الاقتصادي للمرأة العاملة بحلب التحول الرقمي في "الصحة والإنتاج الحيواني".. الرئيس الشرع في أميركا.. فرص استثمارية تتقدم ومناخ اقتصادي يتغير زيارة الشرع إلى واشنطن.. انفتاح عملي على العقول السورية بالمهجر "ساهم فيها ".. إزالة الأنقاض في تل رفعت شمال حلب جهود مكثفة في ريف اللاذقية لاحتواء الحرائق "نساء من أجل السلام".. تعزيز التماسك المجتمعي "صناعة حلب" تجهّز لمعرض خان الحرير للألبسة الرجالية من حقيبتي إلى حلمي.. عامٌ جديدٌ يبدأ المضاد للبكتريا والفطريات.. اختراع جديد باستخدام نبات "اليوكاليبتوس" انطلاقة مؤجلة لقسم الجيولوجيا في جامعة طرطوس الصناعات الهندسية في حلب بين التحديات والطموحات