الثورة – ميساء العلي:
لا يختلف اثنان على أهمية الزراعة كركيزة أساسية لاقتصادنا المحلي، وأحد أهم مصادر الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي.اليوم وبعد سنوات الحرب والدمار التي لم تسلم منها الأراضي الزراعية، يصبح دعم القطاع الزراعي أولوية وطنية من أجل إعادة بناء الاقتصاد وتعزيز الاستقرار الاجتماعي. وما زاد الأمر سوءاً تلك الحرائق التي أدت إلى تدهور بنية الأرض الزراعية، مما يتطلب سنوات لعودتها كما كانت. لا يُخفي المحلل الاقتصادي شادي سليمان تخوفه على مستقبل الزراعة في سوريا خاصة وأننا بلد زراعي بل اقتصادنا يقوم على الزراعة أولاً، إذ يلعب الاستثمار بهذا القطاع دوراً هاماً في تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية في المجتمع.
تعاطٍ مختلف
يقول المحلل الاقتصادي شادي سليمان في حديثه لـ”الثورة”: إن على الحكومة التفكير بطريقة مختلفة للتعاطي مع قطاع الزراعة حتى نستطيع الانتقال إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وبالتالي تحقيق الأمن الغذائي. ويضيف: إن الاستثمار الأكثر نجاعة هو بالزراعة خاصة وأننا بلد زراعي بامتياز وتتوافر لدينا كل المقومات والمواد الأولية، لننطلق بعدها إلى الاستثمار بالصناعات الزراعية التي تعتمد على المنتجات الزراعية خاصة، وأن الاستثمار الزراعي للأسف لم يتجاوز 5 بالمئة من المشاريع الاستثمارية، الأمر الذي يدعو إلى التفكير مجدداً بأهمية الاستثمار بهذا القطاع لدفع عجلة الإنتاج وتحقيق النمو الاقتصادي.
أولويات
ويرى سليمان أن إعادة تأهيل البنية التحتية الزراعية ضرورة في هذه المرحلة وذلك من خلال إصلاح شبكات الري التي تضررت، وتطوير مشاريع الري الحديثة لتقليل هدر المياه مع إعادة تأهيل الطرق الزراعية لتسهيل نقل المنتجات من الحقول إلى الأسواق و ترميم السدود ومحطات الضخ لضمان استدامة الموارد المائية. ونوه المحلل الاقتصادي بأهمية تأمين البذور المحسّنة والأسمدة والمبيدات بأسعار مدعومة للمزارعين، مع دعم توفير الآلات الزراعية الحديثة من خلال برامج تقسيط أو قروض ميسّرة. ودعا إلى إطلاق صناديق تمويل صغيرة لدعم الفلاحين، خصوصاً صغار المزارعين المتضررين مع تقديم تعويضات عن الخسائر التي لحقت بالمزارع خلال الحرب.
بُعدٌ اجتماعي
ولفت إلى أهمية التركيز على المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والقطن والشعير لتحقيق الاكتفاء الذاتي مع التوسع في زراعة الخضار والفواكه لدعم التصدير وزيادة العائدات، وإدخال أنظمة الزراعة المحمية (البيوت البلاستيكية) والزراعة المائية لرفع الإنتاجية مع تشجيع الصناعات التحويلية التي تزيد من القيمة المضافة للإنتاج المحلي، وفتح أسواق جديدة لتصدير المنتجات السورية وتحسين جودتها وفق المعايير العالمية. ويشير إلى البعد الاجتماعي لعودة الفلاح إلى أرضه عبر توفير الأمن والخدمات الأساسية. ويقول سليمان: إن دعم الزراعة في سوريا بعد التحرير ليس مجرد خطوة اقتصادية، بل هو مشروع وطني شامل يضمن الأمن الغذائي ويعزز صمود المجتمع، من خلال التعاون بين الدولة والفلاح والقطاع الخاص لجعل الزراعة من جديد العمود الفقري للاقتصاد والتنمية.