الثورة -ترجمة ختام احمد:
التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقادة وممثلي عدد من الدول العربية والإسلامية، منها مصر وإندونيسيا والأردن وباكستان وقطر والسعودية وتركيا والإمارات. وفي الاجتماع، الذي عُقد في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، عرض ترامب رؤيته لإنهاء الحرب في غزة. ورغم أن الولايات المتحدة لم تنشر هذه الرؤية رسمياً بعد، إلا أن بعض بنودها معروفة.
كان الاجتماع أحد الأحداث الرئيسية خلال أسبوع “النقاش رفيع المستوى” للأمم المتحدة، حيث احتفلت الهيئة العالمية بمرور 80 عاماً على الدبلوماسية الدولية منذ تأسيسها عام 1945. وعلى الرغم من أن ترامب هاجم الأمم المتحدة في خطابه الذي استمر لمدة ساعة في وقت سابق من ذلك اليوم، إلا أن العديد من القادة والدبلوماسيين أشادوا بخطته و وصفوها بأنها ثاقبة وشجاعة.
لأول مرة منذ تنصيب ترامب في كانون الثاني، يبدو أن الإدارة الأمريكية لديها خطة جادة لإنهاء الحرب. فقد اتُهمت الحكومة الأمريكية لأشهر بالتواطؤ في حرب بنيامين نتنياهو الإبادة الجماعية. كما سُخر منها لاقتراحها تحويل غزة إلى ريفييرا متوسطية بفنادق فاخرة وشواطئ رملية تجذب السياح من جميع أنحاء العالم، بينما يختفي سكانها الفلسطينيون بطريقة ما.
وقال المبعوث الخاص ستيف ويتكوف إن ترامب قدم لضيوفه “خطة من 21 نقطة للسلام في الشرق الأوسط”، مضيفاً أن الخطة “تعالج المخاوف الإسرائيلية، وكذلك مخاوف جميع الجيران في المنطقة ونحن متفائلون، بل وربما أقول إننا واثقون، من أنه في الأيام المقبلة سنكون قادرين على الإعلان عن نوع من الاختراق”.
تتضمن الخطة بعض النقاط التي أعلنتها الإدارة علناً، بما في ذلك إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق نار دائم. كما تنص الخطة على انسحاب إسرائيل تدريجياً من غزة، وألا يكون لحماس أي دور في حكم القطاع بعد الانسحاب الإسرائيلي.
قُدِّم اقتراح ترامب الجديد بعد يوم من استضافة المملكة العربية السعودية وفرنسا مؤتمرا ناجحاً لحل الدولتين، والذي مثّل إجماعاً عالمياً معارضاً للحرب ومؤيداً لحل الدولتين – أي الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة. قاطعت الولايات المتحدة المؤتمر، وسعت إلى تقويضه، وثنيت الدول عن حضوره أو الاعتراف بفلسطين، لكنّ الدعم السياسي الكبير لفلسطين ومعارضة الحرب عزل الولايات المتحدة في الأمم المتحدة.
نُشرت نسخ مختلفة من الخطة المكونة من 21 نقطة.
وأكد ترامب ومسؤولون أمريكيون آخرون بعض بنودها. تنص الخطة على أن غزة “خالية من التطرف والإرهاب”، أي خالية من حماس. ستُعاد إعمارها لصالح سكان غزة، لا على حسابهم. ستنتهي الحرب فور قبول الطرفين للخطة. في غضون 48 ساعة من قبول إسرائيل للصفقة، سيُعاد جميع الأسرى الأحياء والأموات، بالإضافة إلى مئات الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين. سيتم نزع سلاح حماس، وسيُسمح لأعضائها بمغادرة القطاع.
ستكون هناك زيادة في المساعدات إلى غزة، على نطاق واسع ودون عوائق، يليها إعادة تأهيل البنية التحتية الحيوية ودخول المعدات اللازمة لإزالة الأنقاض. وستتولى الأمم المتحدة والهلال الأحمر، إلى جانب منظمات دولية أخرى غير مرتبطة بإسرائيل أو حماس، توزيع المساعدات.
بموجب الخطة أيضاً، ستُحكم غزة حكومة انتقالية مؤقتة من التكنوقراط الفلسطينيين، تتولى مسؤولية توفير الخدمات اليومية. وستشرف عليها هيئة دولية جديدة تُنشئها الولايات المتحدة بالتشاور مع شركاء عرب وأوروبيين. وستُنشئ هذه الهيئة إطاراً لتمويل إعادة تنمية غزة ريثما تُكمل السلطة الفلسطينية برنامجها الإصلاحي. لذا، وبعد أسابيع من تشويه سمعة السلطة الفلسطينية، يبدو أن الولايات المتحدة قد رضخت للدعم العالمي شبه الإجماعي لإعادة توحيد الضفة الغربية وغزة تحت إدارة واحدة مُصلحة.
وفي إطار الرؤية الجديدة، سيتم إنشاء خطة اقتصادية لإعادة بناء غزة، بما في ذلك إنشاء منطقة اقتصادية حرة مع تخفيض التعريفات الجمركية.
خلافاً للدعوات السابقة لسكان غزة لمغادرة القطاع، لن يُجبر أحد على مغادرة القطاع بموجب الخطة الجديدة، وسيُسمح لمن يختار المغادرة بالعودة. وسيُشجع سكان غزة على البقاء، وستُتاح لهم فرصة بناء مستقبل أفضل هناك.
من أهم بنود الخطة عدم انخراط حماس في حكم غزة إطلاقاً. وسيتضمن ذلك التزاماً بتدمير ووقف بناء أي بنية تحتية عسكرية هجومية، بما في ذلك الأنفاق. وسيلتزم قادة غزة الجدد بالتعايش السلمي مع جيرانهم، مع ضمانات أمنية لضمان ذلك.
ستعمل الولايات المتحدة مع شركاء عرب ودوليين آخرين على إنشاء قوة استقرار دولية مؤقتة، تُنشر فوراً في غزة للإشراف على الأمن في القطاع. وستتولى القوة الدولية تطوير وتدريب قوة شرطة فلسطينية.
وبحسب الخطة فإن إسرائيل لن تحتل غزة أو تضمها، وسوف تقوم القوات الإسرائيلية بتسليم الأراضي التي تحتلها حاليا تدريجيا مع قيام قوات الأمن البديلة بتأسيس السيطرة والاستقرار في القطاع.
مع إحراز تقدم في إعادة تنمية غزة وتنفيذ برنامج الإصلاح الفلسطيني، قد تتهيأ الظروف لمسارٍ موثوقٍ نحو الدولة الفلسطينية، التي يُعترف بها كطموحٍ للشعب الفلسطيني. ستُطلق الولايات المتحدة حواراً بين إسرائيل والفلسطينيين للاتفاق على أفق سياسي للتعايش السلمي. وتشكل عملية نزع التطرف في كلا البلدين جزءاً من الخطة.
وتبدو الخطة الطموحة مستوحاة إلى حد كبير من الخطة التي اعتمدتها القمة العربية الطارئة في القاهرة في مارس/آذار الماضي، ومن الخطة التي أعدها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير بمشاركة من ويتكوف وجاريد كوشنر، صهر ترامب.
التحدي الحقيقي يكمن في كيفية إقناع إسرائيل بقبول الخطة رغم انقسام حكومتها. من المقرر أن يلتقي ترامب بنتنياهو اليوم الاثنين، ويتوقع الكثيرون رد فعل قوياً من رئيس الوزراء الإسرائيلي على بعض النقاط الرئيسية في الخطة. وعلى الإدارة الأمريكية أن تُصرّ على خطتها وأن تضغط على نتنياهو لتنفيذها بحسن نية وفي الموعد المحدد.
المصدر _ArabNews