الثورة – جهاد اصطيف:
شهدت مدينة حلب، في ساعة متأخرة من مساء أمس، لقاءً اقتصادياً مهماً، جمع بين غرفتي تجارة وصناعة حلب من جهة، وغرفة تجارة وصناعة “جيزرة” التركية من جهة أخرى، وذلك في مقر غرفة التجارة بحلب.
حضر الاجتماع رئيس غرفة تجارة حلب محمد سعيد شيخ الكار، ورئيس غرفة صناعة حلب عماد طه القاسم، إلى جانب رئيس غرفة تجارة وصناعة جيزرة عمر فاروق يلدرم، والملحق التجاري التركي في حلب صفا أكجول، وعدد من أعضاء مجالس إدارات الغرف الصناعية والتجارية.
غذاء.. تجارة.. ونقل
المباحثات تركزت على تعزيز التعاون في قطاع الصناعات الغذائية، وتمت الإشارة إلى ما تتمتع به حلب من موارد زراعية وحيوانية واسعة، وبنية تحتية صناعية تؤهلها لتكون بيئة استثمارية واعدة. وأكد الجانب التركي أن إزالة العقبات التي تعترض الحركة الاقتصادية ستفتح المجال لشراكات أعمق، وخاصة أن حلب لطالما شكلت مركزاً تجارياً وصناعياً تاريخياً، يربط بين أسواق المشرق والمغرب.
كما ناقش المجتمعون ملفات حيوية، أبرزها المعابر الحدودية بين سوريا وتركيا، وتسهيل مرور الشاحنات والمركبات، إضافة إلى ملف الترانزيت عبر الأردن وتركيا.
ومن القضايا التي حظيت باهتمام خاص، إعادة طرح مشروع الخطوط الحديدية، الذي من شأنه تسهيل انسياب البضائع وخفض التكاليف بشكل كبير.
رسائل إيجابية
رئيس غرفة صناعة حلب، أوضح أن الحكومة السورية تعمل على خفض الرسوم الجمركية بشكل تدريجي وصل إلى أقل من 50 بالمئة من النسب السابقة، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن سياسة تشجيع الاستثمار وتوسيع قاعدة التبادل التجاري، وأكد أن غرفة الصناعة ستقدم كل أشكال الدعم والتسهيلات للصناعيين والتجار، وخاصة في المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية المشتركة.
أما الملحق التجاري التركي في حلب، فأكد أن الحرب السورية ألحقت أضراراً كبيرة بالتبادل التجاري، لكنه شدد على أن المرحلة المقبلة يجب أن تقوم على زيادة الاستثمارات، وتوسيع التسهيلات في التجارة الخارجية، وتعزيز التعاون في النقل والربط الاقتصادي، لافتاً إلى أن الجانب التركي ينظر بإيجابية إلى الفرص الاستثمارية داخل سوريا.
حلب مركز إقليمي
تعد مدينة حلب تاريخياً من أبرز المراكز الصناعية في المنطقة، وتضم آلاف المنشآت في قطاعات الصناعات الغذائية، النسيجية، والهندسية. ورغم الخسائر الكبيرة التي لحقت بالمدينة خلال سنوات الحرب، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت حراكاً متصاعداً لإعادة إحياء الصناعة والتجارة.
وبحسب تقارير اقتصادية محلية، فإن الصناعات الغذائية وحدها قادرة على تغطية جزء كبير من احتياجات السوق الداخلية، بل والتوجه إلى التصدير، إذا ما توفرت التسهيلات اللوجستية والمالية اللازمة.
في ختام اللقاء، قدم الجانب السوري شرحاً وافياً عن المحفزات الحكومية للمستثمرين الأجانب، والتي تشمل إعفاءات ضريبية، وتخفيضات على الرسوم الجمركية، وتسهيلات في تسجيل الشركات، إلى جانب تخصيص مناطق صناعية مزودة بالخدمات، وتم التأكيد على أن أبواب الاستثمار مفتوحة أمام الشركات التركية في قطاعات متعددة، أبرزها الصناعات الغذائية، النسيجية، والدوائية.
رؤية مشتركة
المجتمعون أجمعوا على أن المرحلة المقبلة، يجب أن تكون مرحلة انتقال من التعاون النظري إلى مشاريع عملية مشتركة، سواء عبر إنشاء مصانع ثنائية، أو عبر شراكات في مجالات النقل والتجارة.
لقاء حلب، خطوة عملية نحو إعادة بناء جسور التعاون الاقتصادي بين سوريا وتركيا، وإذا ما ترجمت التفاهمات إلى مشاريع على الأرض، فإن النتيجة ستكون انتعاشاً ملحوظاً في قطاعي الصناعة والتجارة، ينعكس بشكل مباشر على حياة المواطنين، ويعيد لحلب مكانتها كعاصمة اقتصادية للمنطقة.