الثورة – فؤاد الوادي:
لم يكن خروج الشعب السوري ضد طغيان واستبداد نظام الأسد، بدافع أو تحريض من أي دولة أو أي كيان، بل كان سورياً صرفاً، أوقدت نيرانه الظلم والجور و تراكمات القمع والوحشية لعقود طويلة، وحولته إلى ثورة عظيمة امتدت لسنوات طويلة، قدم فيها الشعب السوري دماءه وأبناءه وأغلى ما يملك، إلى أن حقق انتصاره وفتحه المبين على طاغية العصر ونظامه المجرم.
الباحث السياسي المحامي جواد خرزم، أكد أنه لا منّة لأحد في انتصار الشعب السوري على نظام القتل والإجرام، إلا الله تعالى وحده، فهو كان نعم المولى ونعم النصير، ونعم الشاهد على التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب السوري لنيل حريته وكرامته. وقال خرزم :” إن آلاف المقابر الجماعية ومئات المعتقلات والسجون، وركامات المدن والبلدات والمناطق المدمرة، وبحار العالم التي التهمت آلاف الهاربين مع أسرهم وأطفالهم من بطش النظام البائد، والمغتربات التي لجأ إليها ملايين السوريين هرباً وخوفاً وهلعاً، ستبقى كلها شاهدة على أن السوريين وحدهم من واجهوا الظلم والقتل والطائرات والمدافع والصواريخ والرصاص والمشانق والوحوش البشرية، بأجسادهم العارية، و أحلامهم ودموعهم، ووحدهم من صنعوا انتصارهم وحلقوا في رحاب الحرية والكرامة”. وأضاف:” ستبقى حكاية الثورة السورية المضمخة بدماء السوريين وأوجاعهم، الحكاية التي صيغت وحفرت بحروف من كفاح وعزيمة وصبر وجهاد استمر لأكثر من عقد ونيف، ستبقى محفورة في ذاكرة الإنسان والمكان والزمان، والعالم أجمع الذي كان يشاهدها على الهواء مباشرة ودون أن يحرك ساكناً، سوى تلك الإدانات والشجب التي صدرت من البعض !؟”.
وعن إدعاءات بعض الدول والكيانات بأنهم كانوا جزءاً من انتصار الشعب السوري على نظام الأسد المجرم، أوضح الباحث السياسي، بأن ذلك ليس إلا مجرد استعراض كاذب و فارغ من أي مصداقية، لأن الحقيقة واضحة، والعالم كله يعرف أن الشعب السوري هو وحده من صنع انتصاره، وهو وحده من خاض معركة التحرير والكرامة، وهو وحده من قدم أكثر من مليون شهيد، وملايين المهجرين والمعتقلين والمفقودين، وآلاف المدى والقرى والبلدات المدمرة. وتابع:”إن تلك الادعاءات تخفي خلفها أجندات ومشاريع سياسية تهدف إلى تقييد حرية وإرادة الدولة السورية وربط قرارها وسيادتها بدول وكيانات أخرى، لكن ما تجهله أو تحاول أن تتجاهله تلك الدول والكيانات، أن الشعب السوري الذي قدم كل تلك التضحيات من أجل حريته وكرامته، لا يمكن أن يقبل بالتبعية وانتقاص السيادة من أي دولة كانت، وهذا ما أكد عليه الرئيس أحمد الشرع والقيادة السياسية مرات عديدة وفي أكثر من مناسبة”.
وختم المحامي خرزم حديثه بالقول:” إن الشعب السوري لن يسمح لأحد بتزوير التاريخ، ولا بالتسلق على تضحياته ودماء أبنائه، فالثورة التي قام بها الشعب السوري، لم تكن للتحرّر من الظلم والطغيان فقط، بل كانت أيضاً للتحرر من كل المشاريع والمحاور التي جعلت من سوريا خلال حقبة النظام المخلوع تابعة لدول أخرى، وأبقتها في مكانها بلا أي تطور أو تقدم لعقود طويلة.
بدورنا نستذكر ما قاله السيد الرئيس أحمد الشرع منذ أيام في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن حكاية الشعب السوري التي كانت صراعاً بين الحق والباطل، بين شعب ناضل متشبثاً بكرامته وتطلعاته للحرية، ونظام بائد سخّر كل أدوات القتل والقمع الدموية، الحكاية السورية التي انتصرت لأمهات الشهداء والمفقودين، الحكاية التي تهيج فيها المشاعر ويختلط فيها الألم بالأمل، حكاية الصراع بين الخير والشر، وبين الحق الضعيف الذي ليس له ناصر إلا الله والباطل القوي الذي يملك كل أدوات القتل والتدمير، الحكاية التي كتبت فصلاً جديداً من فصول هذا الصراع، فصلاً مشرقاً وعظيماً بالإبداع، زاخراً بالمواجهة والإصرار والصبر والعذاب والألم والتضحية والفداء والتمسك بالقيم النبيلة والأعراف الحميدة، والإعداد الجاد والعمل الدؤوب ثم الاتكال على الله.