أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً خاصاً بمناسبة مرور عشر سنوات على التدخل العسكري الروسي في سوريا، طالبت فيه موسكو بتقديم اعتذار رسمي للشعب السوري، ودفع تعويضات شاملة للضحايا، وتسليم بشار الأسد المخلوع الذي لجأ إلى روسيا عقب سقوط نظامه في كانون الأول/ديسمبر 2024.
وأكد التقرير أن القوات الروسية ارتكبت انتهاكات واسعة أدت إلى مقتل 6993 مدنياً بينهم 2061 طفلاً و984 سيدة، وهو ما يرسخ مسؤوليتها عن جرائم ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
أشار التقرير إلى أن الذكرى العاشرة للتدخل الروسي تحلّ بعد سقوط نظام الأسد في نهاية عام 2024، ما أوقف الهجمات الروسية المباشرة، لكنه لم ينهِ آثارها الكارثية التي تجسدت في دمار واسع وتشريد وانتهاكات متراكمة، وأوضح أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان وثقت على مدى تسع سنوات تلك الانتهاكات عبر تقارير سنوية أظهرت حجم الجرائم وخطورتها.
كشف التقرير أن التدخل الروسي منذ أيلول/سبتمبر 2015 شكّل نقطة تحول خطيرة في مسار الحرب، إذ انحاز بشكل كامل إلى النظام البائد ضد تطلعات السوريين بالحرية والعدالة، وقدم له دعماً شاملاً سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.
وفق التقرير، فقد استخدمت موسكو حق النقض في مجلس الأمن 18 مرة، منها 14 بعد تدخلها، وصوتت ضد أي إدانة للنظام في 21 دورة لمجلس حقوق الإنسان، كما دعمت عسكرياً استعادة السيطرة على مناطق استراتيجية مثل حلب والغوطة ودرعا وإدلب. كما غطّت انتهاكاته بما فيها استخدام الأسلحة الكيميائية، وسخّرت أذرعها الإعلامية والدبلوماسية في مسارات جنيف وأستانا وسوتشي لتثبيت بقائه على حساب العدالة وحقوق الضحايا.
قال فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إن التدخل الروسي تسبب بمقتل نحو سبعة آلاف مدني، 44% منهم نساء وأطفال، مستخدماً أسلحة محرمة دولياً واستهدف المرافق الطبية والتعليمية بشكل ممنهج.
وأضاف: “لا يمكن طي صفحة الجرائم أو تجاهل استمرار روسيا في حماية المجرم بشار الأسد، وإن أي علاقة جديدة مع موسكو يجب أن تسبقها مساءلة واعتراف واضح بالمسؤولية، وتسليم الأسد إلى العدالة، وإطلاق برنامج تعويض للضحايا مع ضمانات عدم التكرار.”
وثقت الشبكة بين 30 أيلول/سبتمبر 2015 و8 كانون الأول/ديسمبر 2024 مقتل 6993 مدنياً بينهم 2061 طفلاً و984 سيدة، كما سجلت 363 مجزرة ارتكبتها القوات الروسية، ومقتل 70 من أفراد الطواقم الطبية بينهم 12 سيدة، و24 إعلامياً.
وأشارت إلى وقوع 1262 اعتداء على مراكز حيوية مدنية بينها 224 مدرسة و217 منشأة طبية و61 سوقاً، مع تصدر محافظة إدلب قائمة المناطق المستهدفة تلتها حلب ثم حماة.
واعتبرت الشبكة أن ارتفاع نسبة النساء والأطفال بين الضحايا دليل على استهداف متعمد لمناطق مدنية مأهولة، ما يشير إلى خرق صارخ للقانون الدولي الإنساني.
أوضحت الشبكة أنها عملت منذ بدء التدخل الروسي على بناء قاعدة بيانات شاملة للهجمات ونتائجها، بما في ذلك المجازر واستهداف المرافق الحيوية واستخدام الذخائر العنقودية، مشيرة إلى أن أبرز تلك الجرائم كانت مجزرة إدلب وتدمير محطة كهرباء في تشرين الأول/أكتوبر 2024.
وأكدت أن عملها الحقوقي تواصل رغم الهجمات والتشويه المنظم الذي تعرضت له، ما ساعد في ترسيخ أدلة دامغة على الطابع الممنهج للانتهاكات الروسية.
أوصت الشبكة بمحاسبة المسؤولين الروس عبر آليات قضائية دولية ووطنية، وبالاستمرار في جمع الأدلة وحفظها لتقديمها مستقبلاً أمام المحاكم، كما شددت على إنشاء برامج تعويض شاملة للضحايا، وإعادة بناء المرافق الحيوية والخدمات الأساسية، ووضع آليات وطنية ودولية فعالة لحماية المدنيين، وتعزيز مسارات العدالة الانتقالية بما يشمل المحاكمات وكشف الحقيقة والمصالحة وضمانات عدم التكرار.
ودعت الشبكة الحكومة السورية إلى تنظيم أي علاقات مستقبلية مع روسيا ضمن إطار يلتزم بالمساءلة والاعتراف بالمسؤولية، وإلزام موسكو بدفع التعويضات والمساهمة في إعادة إعمار ما دمرته، مع ضمان عدم تكرار الانتهاكات ضد المدنيين والمرافق الحيوية.