الثورة – عامر ياغي:
أكد الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي في حديث خاص لـ”الثورة”، أنه ومنذ مطلع الثورة التقنية في مطلع الألفية، وجدت سوريا نفسها في عزلة شبه تامة عن التطورات التكنولوجية العالمية، نتيجة العقوبات الاقتصادية على النظام المخلوع، والقيود السياسية، والانغلاق المؤسسي، والتي ساهمت جميعها في حرمان المؤسسات السورية من الوصول إلى البرمجيات الأصلية، والأجهزة الحديثة، والبنى التحتية الرقمية التي أصبحت معياراً عالمياً في الإدارة والاقتصاد، وبدلاً من ذلك، انتشرت البرمجيات المقرصنة، والأجهزة المستعملة أو المهربة، ما أدى إلى بيئة تقنية متخلفة وغير آمنة، أثرت سلباً على كفاءة المؤسسات وثقة المواطنين.
التحول السياسي
وأضاف: إنه ومع بداية التحول السياسي في سوريا، وظهور مؤشرات على إعادة الانفتاح الدولي، بدأت شركات التقنية العالمية بإعادة النظر في سياسات الحظر المفروضة على السوق السورية.
فبعض الشركات- والكلام لقوشجي- بدأت بالسماح بتفعيل منتجاتها داخل سوريا، وتقديم الدعم الفني، وصولاً إلى دراسة إمكانية الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، مبيناً أن هذا التحول لا يمثل فقط نقلة تقنية، بل هو مؤشر على بداية إعادة دمج سوريا في الاقتصاد العالمي.
الآثار الاقتصادية
وأشار د. قوشجي إلى أن الانتقال من بيئة تقنية غير شرعية إلى بيئة مؤسسية حديثة يحمل آثاراً اقتصادية عميقة، منها رفع الكفاءة المؤسسية من خلال استخدام برمجيات أصلية يتيح تحديثات أمنية مستمرة، تكاملاً مع الأنظمة العالمية، وتحسيناً في الأداء الإداري، وخلق فرص عمل جديدة عن طريق قطاع التقنية والكوادر المدربة في البرمجة، والأمن السيبراني، وإدارة الشبكات، ما يفتح المجال أمام الشباب السوري، وتعزيز الشفافية والمساءلة من خلال الأنظمة الرقمية الحديثة التي تتيح تتبع العمليات المالية والإدارية، كما أنه يقلل من الفساد ويزيد من ثقة المواطنين، فضلاً عن جذب الاستثمار الأجنبي عن طريق تأمين بيئة تقنية قانونية وآمنة وهو شرط أساسي لدخول الشركات العالمية، خاصة في قطاعات الاتصالات، المصارف، والخدمات الحكومية.
التحديات والضمانات المطلوبة
ويوضح أنه وعلى الرغم من الفرص الاستثمارية الكبيرة والواعدة، إلا أن هذا التحول لا يخلو من تحديات، لجهة الحاجة إلى إطار قانوني واضح، ولاسيما لجهة تحديث قوانين الملكية الفكرية، حماية البيانات، والتعاقدات التقنية بما يتماشى مع المعايير الدولية، وإصلاح المؤسسات العامة، إذ لا يمكن للتقنية أن تزدهر في بيئة بيروقراطية متخلفة، ما يعني ضرورة ربط التحول الرقمي بإصلاح إداري شامل، إضافة إلى بناء القدرات البشرية عن طريق الاستثمار في التعليم التقني والتدريب المهني هو حجر الأساس لضمان استدامة هذا التحول.
وقال د. قوشجي: إن دخول سوريا إلى العصر الرقمي ليس مجرد تحديث للأجهزة والبرمجيات، بل هو إعادة تعريف لطبيعة الدولة والمؤسسات، كما أنه سيشكل نقلة نوعية باتجاه الانتقال من العشوائية إلى النظام، ومن الانغلاق إلى الشفافية، ومن التبعية إلى السيادة التقنية، وإذا ما تم هذا التحول ضمن رؤية إصلاحية شاملة، فإنه قد يشكل أحد أعمدة إعادة بناء الدولة السورية الحديثة.
يذكر أن موقع آبل الرسمي ضمن صفحة Global Trade Compliance، أعلن مؤخراً أن وزارة الخزانة الأميركية ألغت العقوبات على سوريا في تموز 2025، ما يعني أن التعاملات التجارية مع سوريا باتت ممكنة، بما في ذلك تصدير المنتجات التقنية والخدمات الرقمية.
وبموجب هذا القرار، بات من المتوقع أن يتمكن السوريون من الوصول إلى متجر التطبيقات App Store، إضافة إلى شراء أجهزة “آيفون، وآيباد، وماك”، بشكل رسمي من دون الحاجة إلى اللجوء لطرق التفافية أو حسابات خارجية.