دمشق – ميسون حداد:
أثارت نتائج امتحانات شهادة التعليم الأساسي لعام 2025 موجة من الجدل والقلق، بعد أن بلغت نسبة النجاح أقل من 50 %، في سابقة اعتبرها اختصاصيون مؤشراً خطيراً على الواقع التعليمي والاجتماعي.
ومع بداية العام الدراسي التقت “الثورة” رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة دمشق الدكتورة ولاء يوسف- المتخصصة بعلم النفس الاجتماعي، أوضحت أن المشكلة لا تقف عند حدود التعليم فقط، بل تمتد إلى الأسرة والمجتمع والبيئة المدرسية.

الأسباب الاجتماعية
وبينت أن تدني نسب النجاح يعود بالدرجة الأولى إلى الظروف الأسرية غير المستقرة من خلافات ونقص متابعة الوالدين، إضافة إلى الضغوط الاقتصادية والأمنية التي تشغل ذهن الطالب وتشتت تركيزه.
وتتابع د. يوسف عن الأعداد الكبيرة للطلاب في الصف: “الاكتظاظ في الصفوف وصعوبة متابعة المعلم لكل طالب يفاقمان من المشكلة، لتصبح بيئة التعلم طاردة أحياناً أكثر منها محفّزة”.
أما عن علاقة الوضع المعيشي بتحصيل الطلاب، فتوضح أن تحسن مستوى دخل الأسرة يتيح لها توفير الأدوات التعليمية والدروس الإضافية، ويوسع آفاق الاطلاع على المعرفة، فيما يشكل الفقر عامل تعطيل لقدرات الطالب ويحرمه من فرص متاحة لغيره.
انعكاسات نفسية واجتماعية
النتائج النفسية لا تقل خطورة عن المعطيات الاجتماعية- بحسب يوسف، فالرسوب يزرع في نفس المراهق الإحباط وفقدان الثقة بالنفس والخوف من سخرية الآخرين، ما قد يؤدي إلى عزلة اجتماعية أو نفور من المدرسة إن لم يُعالَج بطريقة صحيحة.
ونوهت بأنه لا يقل رد فعل الأسرة أهمية، بل له دور محوري وأساسي، فتدعو الأسر إلى تجنب العقاب والتوبيخ، مقابل احتواء أبنائهم وتشجيعهم على تحديد نقاط ضعفهم وتنظيم وقتهم والحصول على دعم إضافي لتحسين مستواهم الدراسي، مؤكدة أن الرسوب ليس نهاية الطريق بل تجربة يمكن تجاوزها بالعمل والإصرار.
ولفتت د. يوسف إلى أن المدرسة بدورها مطالبة بتوفير معلمين متعاونين واعتماد أساليب تعليم جذابة بعيداً عن التلقين والعقوبات، إلى جانب تفعيل الأنشطة الرياضية والثقافية التي تعزز انتماء الطالب وتشجعه على الاستمرار.
كما تنصح بتنظيم وقت الدراسة، والدروس الجماعية مع الأصدقاء، وممارسة الرياضة أو الهوايات لتخفيف التوتر، محذرة من الاستخدام المفرط للموبايل ومواقع التواصل الاجتماعي، مبينة أن الموبايل يسرق الوقت المخصص للمذاكرة ويعوّد الطالب على التشتت السريع وقلة التركيز الطويل، فضلاً عن تأثيره على النوم وجودته.رغم قسوة الأرقام، يرى المختصون أن الدور الأكبر على الأهل والمعلمين في تحويل تجربة الرسوب إلى حافز للنجاح، عبر الاحتواء والدعم النفسي واستعادة ثقتهم بأنفسهم، فكل طالب يستحق فرصة جديدة ليقف من جديد ويثبت قدرته على التفوق.