الثورة – سيرين المصطفى:
يتعرض الطلاب للتنمّر من قبل زملائهم في المدرسة في بعض الأحيان، سواء بسبب أسلوب لباسهم، أو طريقة كلامهم، أو تصرفاتهم.
هذا التنمّر يلحق أذى نفسياً كبيراً بهم، وقد يجعلهم يرفضون الذهاب إلى المدرسة، ويعانون من ضغوط نفسية مستمرة تستدعي من الأهالي والمعلمين الملاحظة والتدخل الفوري.
طفل تعرض للتنمر بسبب كتلة دهنية
تروي أم عمر، إحدى الأمهات التي تعرض ابنها للتنمّر، قصتها لصحيفة “الثورة” قائلة: إن ابنها كان يمتلك كتلة دهنية صغيرة في جسده، وفي بداية العام الدراسي تعرّض للتنمّر من بعض زملائه، عبر إطلاق أوصاف مسيئة مثل “وحيد القرن” وغيرها.
وتضيف أن هذه الممارسات أثرت على ابنها بشكل كبير، إذ أصبح يكره الذهاب إلى المدرسة، وظهرت لديه مشاعر الكراهية تجاه نفسه، وحقد على زملائه، وتراجعت ثقته بنفسه، وأصبح يجد صعوبة في التركيز ويعاني من القلق. لذلك، أخذت ابنها إلى المستشفى، وحددت موعداً مع الطبيب، وأُجري له عملية لمعالجة الحالة.
التنمر يترك آثاراً على نفسية الأطفال
ومن جانبها، تؤكد المرشدة النفسية نجاح بالوش، الحاصلة على إجازة في علم النفس باختصاص الإرشاد النفسي، أن التنمّر يترك تأثيراً سلبياً كبيراً على الأطفال على المستويات الاجتماعية والنفسية والسلوكية، فتظهر عليهم أحياناً العدائية وانخفاض الثقة بالنفس.
وأوصت المرشدة بأنه عند التعرض للتنمّر، يجب أن يتدخل المرشد التربوي أو المرشد النفسي لمساعدة الطلاب.
فإذا وقع خلاف بين الطالبين أو تعرّض أحدهما للتنمّر، يقوم المرشد بالاستماع إلى الطرفين، ثم تقديم درس سلوكي ونفسي يوضح خطورة هذا السلوك.
وأشارت بالوش، إلى أن الهدف من ذلك هو حل النزاع بين الطرفين وتعليم الطفل المتنمر العواقب السلبية لتصرفاته. مضيفة أن الطفل المتنمر قد يكون متأثراً ببيئته الأسرية، مثل التعرض للعنف أو سوء التربية، أو نتيجة لعائلة منفصلة، فيظهر ما يشعر به من ضغوط ومشاعر سلبية من خلال التنمّر على الآخرين.
ضرورة تدخل الكادر التعليمي لحل مشكلة التنمر
وأكدت المرشدة أن الكادر التعليمي في المدرسة يجب أن يتعامل مع مشكلة التنمّر بروح احتوائية، من خلال الاستماع للطرفين وتجنب العقاب البدني أو أي تصرف يزيد المشكلة سوءاً. كما يجب السعي لإصلاح العلاقة بينهما، وتوجيه سلوك الطفل المتنمر بطريقة تخفف من ضغوطاته النفسية، وتهدئة الطفل المتضرر، وتقليل تأثير هذه التجربة على نفسيته.
ونوّهت المرشدة إلى ضرورة التواصل مع الأهل لاحتواء الموقف، إذ قد يؤثر تعرض الطفل لكلمات جارحة على سلوكه على المدى الطويل، كما يمكن أن تتأثر الأم بسلوك ابنها نتيجة هذه التجربة.
مواقف مرهقة نفسياً
وتقول المرشدة: ” مجتمعنا – للأسف – فضولي جدًا؛ فإذا كان أحدنا مريضاً أو يعاني من إعاقة أو مشكلة جسدية، مثل الحروب أو الجروح أو الحروق، فإنه يتعرض فوراً للأسئلة والتدخلات، وهو أمر يرهق نفسياً”.
وتضيف: “هذا النوع من المواقف يجعل الشخص المتعرض للتنمّر أو للاستفسارات المتكررة يعيش معاناة نفسية شديدة، تتراوح بين القلق والتوتر والاكتئاب، وقد تدفعه إلى العزلة والانطواء.
وفي بعض الأحيان، يجد المتضرر صعوبة في الخروج من هذه الحالة، مما يفاقم مشاعر الاكتئاب وكراهية الحياة، وقد يصل – في الحالات الشديدة غير المعالجة – إلى التفكير في الانتحار”.
ختاماً، يُعد التنمّر ضد الطلاب في المدارس سلوكاً ضاراً يؤثر على صحتهم النفسية وأدائهم الدراسي، ويستدعي تعاون الأهالي والمعلمين والمرشدين النفسيين لوضع حلول فعّالة وتهيئة بيئة مدرسية آمنة وداعمة لجميع الطلاب.