الثورة – منهل إبراهيم:
دعت الحكومة السورية “قسد” للانخراط الجاد في تنفيذ اتفاق العاشر من آذار، كما دعت الوسطاء الدوليين لنقل جميع المفاوضات إلى دمشق باعتبارها العنوان الشرعي والوطني للحوار بين السوريين، وذلك توازياً مع رؤية أميركية تدعو “قسد” للانخراط في مشروع الدولة السورية الجديدة.
ومنذ سقوط النظام المخلوع، والحكومة ترحب بأي مسار مع “قسد” من شأنه تعزيز وحدة وسلامة أراضي البلاد، مع التمسك الثابت بمبدأ سوريا واحدة، جيش واحد، حكومة واحدة، والرفض القاطع لأي شكل من أشكال التقسيم أو الفيدرالية”.
وشددت دمشق على أن الجيش العربي السوري هو المؤسسة الوطنية الجامعة لكل أبناء الوطن، مع الترحيب بانضمام قوات “قسد” إلى صفوفه، ضمن الأطر الدستورية والقانونية المعتمدة.
المحلل والباحث السياسي مضر حماد الأسعد، أكد لصحيفة الثورة أن النظام المخلوع مهد لسيطرة “قسد” على منطقة الجزيرة والفرات، والهيمنة على الأرض والإنسان في منطقة تشكل ثلث مساحة سوريا، وهي سلة غذاء سوريا بنسبة 80 بالمئة من النفط والغاز والثروة المائية والزراعية والحيوانية والكهربائية.
وقال الأسعد “سوريا لا يمكن بأي حال أن تكون مقسمة، حالياً لدينا منعرجات ومطبات بسبب التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية السورية وخاصة التدخلات الإسرائيلية، والقيادة السورية تعمل على حل أزمة السويداء والجنوب السوري، وتنفيذ اتفاق 10 آذار مع “قسد” من أجل وحدة سوريا واستقرارها وسيادتها”.
وفي الإطار ذاته، قال موقع “swi” السويسري: “إن الاشتباكات التي وقعت في الآونة الأخيرة ألقت بظلال من الشك على اتفاق تاريخي وقع في مارس آذار بين “قوات سوريا الديمقراطية” التي يقودها الأكراد والحكومة السورية الجديدة لدمج تلك القوات في مؤسسات الدولة”، مؤكداً “أن الاتفاق يهدف إلى توحيد بلد مزقته حرب استمرت 14 عاماً، وكذلك تمهيد الطريق أمام القوات التي يقودها الأكراد وتسيطر على ربع مساحة سوريا والكثير من ثرواتها للاندماج مع دمشق، إلى جانب اندماج الهيئات الكردية التي تسيطر على هذه المناطق”.
في سياق متصل أوضح موقع الشرق الإخباري أن “قسد” التي تشكل الوحدات الكردية “عمودها الفقري” تسيطر على ما يقارب ثلث مساحة سوريا، تحديداً شرق وشمال شرق البلاد، وهي منطقة تضم ثروة نفطية وسدوداً كهرومائية تساعد في توليد الطاقة”.
ولفت موقع الشرق إلى أنه “في 10 مارس الماضي، وقع مظلوم عبدي اتفاقاً مع الرئيس أحمد الشرع يقضي بانضمام “قسد” إلى مؤسسات الدولة الجديدة وتسليم معابر حدودية رئيسية وحقول نفط ومطار إلى سيطرة الحكومة السورية”، وقال: كان من المتوقع تنفيذ الاتفاق بين الحكومة و”قسد” بحلول نهاية العام، لكن الوقائع تقول: إن هناك “نوعاً من التعطيل أو التباطؤ في تنفيذ الاتفاق” في إشارة إلى قوات “قسد” التي تماطل في تنفيذ الاتفاق.
ويرى العديد من الخبراء الاستراتيجيين أن الحكومة السورية لا يمكن لها أن تقبل بمطالب “قسد”، سواء من ناحية الفيدرالية أو دخولها الجيش ضمن كتلة واحدة منفصلة، لأن المطالب تمثل سياسة غير مقبولة، وتؤسس لتقسيم البلاد.
وتؤكد واشنطن على نفس الفكرة التي تجمع عليها دول المنطقة في أنه ثمة التزام مشترك لمحاولة توفير الموارد اللازمة لتمكين القيادة السورية الجديدة من بسط سيادتها على كافة أراضيها وثرواتها، وعلى أن سوريا عنصر بالغ الأهمية في الاستقرار الإقليمي.
وقد دعمت واشنطن خطوات الحكومة السورية في هذا الاتجاه، والخارجية الأميركية أكدت مراراً أنها تدعم جهود دمشق الجارية والنشطة، واستمرار المباحثات مع “قسد” تحت سقف وحدة البلاد.
ولا بد من الإشارة إلى أن تصريحات سابقة للمبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك أثارت استياء “قسد” لكونه حمّلها مسؤولية تعثر المفاوضات مع دمشق، وقال باراك وقتها: “بصراحة تامة، أرى أن قوات سوريا الديمقراطية كانت بطيئة في القبول والتفاوض والمضي قدماً نحو ذلك، ونصيحتي لهم هي أن يسرعوا فهناك طريق واحد فقط، وهذا الطريق يؤدي إلى دمشق”.
وأضاف باراك أن “الحكومة السورية كانت متحمسة بشكل لا يصدق في محاولة ضم قوات سوريا الديمقراطية إلى ما تحدثنا عنه بالضبط: دولة واحدة، أمة واحدة، جيش واحد، حكومة واحدة، وتفاصيل كيفية تحقيق ذلك”، معرباً عن اعتقاده بأن “دمشق كانت سخية في سعيها لإيجاد طريقة لتوحيد هذه المصالح”.
واليوم يؤكد باراك على نفس الأفكار في التزام واشنطن بتعزيز رؤية الرئيس دونالد ترامب في تمكين السوريين من الوحدة والسلام والازدهار، وباتت رسالتها واضحة لقسد بحتمية الانخراط في مشروع الدولة السورية الجديدة الواحدة الموحدة.
وكانت الحكومة السورية حذرت من أن أي تأخير في تنفيذ الاتفاقات الموقعة لا يخدم المصلحة الوطنية، بل يعقد المشهد، ويعوق جهود إعادة الأمن والاستقرار إلى جميع المناطق السورية، وهذا ما يحصل في الآونة الأخيرة.