الثورة – مريم إبراهيم:
ليس اجتماعاً واحداً بل اجتماعات متكررة عقدتها اللجنة الحكومية المكلفة بمعالجة ظاهرة التسول، والمشكلة من عدة وزارات معنية بهذا الموضوع، وخلال الأسبوع الحالي كان الاجتماع الأخير للجنة برئاسة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات، وذلك تمهيداً لإطلاق الحملة الوطنية الشاملة لمعالجة التسول، وبتنسيق عالي المستوى بين مختلف وزارات ومؤسسات الدولة للوصول لنتائج مرضية وأهداف الحملة المقررة.
نحو المعالجة
وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وكجهة معنية أكثر بالظاهرة بينت أنها اتخذت استعدادات مهمة تعمل عليها مع باقي جهات معنية لإطلاق الحملة الوطنية لمعالجة التسول، وتمت خلال اجتماعات اللجنة المكلفة بمعالجة الظاهرة مناقشة محاور عدة حول استقطاب الفئة المستهدفة، وتجهيز مراكز الحماية والتأهيل، وخدمة إدارة الحالة، والدعم النفسي والصحي، إلى جانب تقديم خدمات قانونية وتعزيز الدمج المجتمعي لمن هم في دائرة التسول وأخطاره المحدقة التي لا يمكن إغفالها أو تجاهلها بأي شكل من الأشكال، في زمن وظروف صعبة تستدعي المعالجة ووضع الحلول اللازمة بشأن ذلك.
مراكز مخصصة
وفي إطار إطلاق الحملة الوطنية لمعالجة التسول عملت الوزارة على تأهيل وترميم عدد من المراكز المخصصة لاستقبال المتسولين، فهناك مركزان في باب مصلى بدمشق تم تخصيصهما لاستقبال أطفال الشوارع من متسولين ومتشردين، والعمل على معالجة مختلف حالات التسول، حيث تبلغ الطاقة الاستيعابية لهذين المركزين 150 حالة من عمر أربع سنوات وحتى 18 عاماً بالنسبة للإناث، وستقدم الخدمات الكاملة بما فيها خدمات الإقامة وإدارة الحالة، والعمل على عينات الحالات الموجودة في المركز ودراسة مجمل الحالات سواء من ناحية الوضع الاقتصادي أم الاجتماعي، وذلك عبر مشروع لحماية الفتيات المتسولات كخطوة مهمة في الاهتمام بشريحة مهمة من فاقدي الرعاية الأسرية، وتأمين مراكز إيواء للفتيات المتسولات.
ويعد مركز الكسوة للرعاية الاجتماعية وتأهيل وتدريب المتسولين مركزاً هاماً بعد إعادة تأهيله وتجهيزه بصورة جديدة مغايرة عن السابق بحسب مابينته الوزارة، حيث يفتح أبوابه من جديد بعد تجهيزه بالتعاون مع عدد من متطوعي منظمات المجتمع المدني، لاستقبال المتسولين بهدف الاهتمام وتقديم الرعاية لنزلاء المركز وتحويل المعاناة إلى مهارات وإعادة بناء المستقبل نحو مجتمع أكثر عدالة وأكثر احتواء لمن لا فرص لهم في الحياة والمجتمع، لا سيما الفتيات ممن يمتهن التسول بسبب الظروف الصعبة التي تشكل معاناة شديدة للأفراد والمجتمع وفاقدي الرعاية والشرائح الهشة، وبالتالي تعلق على هذه المراكز مهمة إنسانية كبيرة تستحق المتابعة، فحماية الفئات الهشة واجب على المجتمع والدولة معاً، مع تمكين المتسولات فاقدات الرعاية الأسرية ومنحهن فرصة لحياة كريمة، وهذا مؤشر مهم، ويسهم في الحد من الفقر ويعيد بناء الثقة والأمل بالمجتمع من جديد.
في تصاعد
إذ باتت ظاهرة التسول تأخذ المنحى المتصاعد خلال السنوات الأخيرة، في مشهد يطرح الكثير من التساؤلات حول غياب الحلول اللازمة للمعالجة والحد منها.
الباحثة الاجتماعية سمر هلال أوضحت في حديثها لصحيفة الثورة أهمية معالجة ملف التسول، وفي حال نجاح الحملة التي ستتم قريباً سيكون لهذه الخطوة الأثر الكبير والإجابة في إطار التوجه لمعالجتها، حيث تعد من الظواهر الاجتماعية الخطيرة التي تعكس كثيراً من الآثار السلبية على الفرد والمجتمع، وزاد انتشارها بشكل ملحوظ خلال سنوات الحرب، فواقع مشهد التسول هو بحد ذاته يتحدث عن نفسه، وأكبر دليل على تفاقم المشكلة وخطورتها، خاصة زج الأطفال وهم في قلب المشكلة، في وقت تبدو فيه السرعة في المعالجة ضرورية، مع التطلع لانتشال الأطفال من التسول وتعليمهم أنشطة مختلفة، أو تأهيلهم وتدريبهم لتعلم مهنة مناسبة يستطيعون من خلالها أن يكسبوا دخلاً مادياً يساعدهم في حياتهم بدل أن يكون متسولين في الشوارع وعلى الأرصفة هنا وهناك، فملف التسول هو بحد ذاته من الملفات ذات الأهمية الكبيرة التي تلامس مختلف القضايا المجتمعية، ولا يخص الشؤون الاجتماعية والعمل، بل هناك وزارات أخرى كالداخلية والتربية والعدل والسياحة لها حصة كبيرة في المشاركة في معالجة الظاهرة، مع تشاركية المجتمع المدني والخبراء والمختصين الاجتماعيين والنفسية والتربويين وغيرهم، ما يمكن أن يحقق نتائج أفضل ضمن خطة متكاملة لإعادة دمج الأطفال المتسولين في المجتمع، والعمل على توجيه طاقاتهم ومهاراتهم والاستثمار فيها لفائدة أكبر لهم وللمجتمع بشكل عام.
في الميدان
ومع كل الأهمية التي تعلق على الحملة التي ستطلق لمعالجة التسول، يجب الأخذ بعين الاعتبار جميع التفاصيل المتعلقة بهذه الظاهرة المتشعبة، ففي ميدان الشوارع كثير جداً ممن يتسولون، وفيها المشاهد التي تحكي يومياً كثيراً من القصص والحكايا المؤلمة لمن هم في دائرة التسول، وتتضح كيفية اللجوء للتسول، لدرجة أنه في هذا الملف بات من الصعب جداً التمييز بين المتسولين ممن هم بأمس الحاجة للتسول، وبين الآخرين ممن اتخذوا من التسول مهنة لكسب المزيد من المال، حتى على حساب شتى القيم والعادات المجتمعية المعمول بها، وهنا تطرح نقاط أخرى في المعالجة، لاسيما ما يتعلق بمن يستغلون الأطفال ويزجون بهم للتسول وكسب المال، ويبقى السؤال بعد كل هذه الاستعدادات، هل تنجح الحملة القادمة بخطوات عملية في معالجة مشكلة من أكثر المشكلات الاجتماعية تعقيداً وخطراً على الفرد والمجتمع.
في الميدان
ومع كل الأهمية التي تعلق على الحملة التي ستطلق لمعالجة التسول، يجب الأخذ بعين الاعتبار جميع التفاصيل المتعلقة بهذه الظاهرة المتشعبة، ففي ميدان الشوارع كثير جداً ممن يتسولون، وفيها المشاهد التي تحكي يومياً كثيراً من القصص والحكايا المؤلمة لمن هم في دائرة التسول، وتتضح كيفية اللجوء للتسول، لدرجة أنه في هذا الملف بات من الصعب جداً التمييز بين المتسولين ممن هم بأمس الحاجة للتسول، وبين الأخرين ممن اتخذوا من التسول مهنة لكسب المزيد من المال، حتى على حساب شتى القيم والعادات المجتمعية المعمول بها، وهنا تطرح نقاط أخرى في المعالجة، لا سيما ما يتعلق بمن يستغلون الأطفال ويزجون بهم للتسول وكسب المال، ويبقى السؤال بعد كل هذه الاستعدادات، هل تنجح الحملة القادمة بخطوات عملية في معالجة مشكلة من أكثر المشكلات الاجتماعية تعقيداً وخطراً على الفرد والمجتمع.