الثورة- نور جوخدار:
تستعد محافظتا الرقة والحسكة، لإجراء انتخابات مجلس الشعب في دائرتي تل أبيض ورأس العين، بعد أن تهيأت الظروف لذلك، في وقت أكدت فيه اللجنة العليا للانتخابات على أن تأخر استكمال الانتخابات في بعض دوائر الرقة والحسكة ومحافظة السويداء، لن يؤثر على شرعية المجلس أو على انعقاد جلساته. لكن هذه الخطوة تفتح الباب أمام تساؤلات حول الأسس القانونية التي تستند إليها، في ظل تأخر انتخاب أعضاء مجلس الشعب في بعض الدوائر الانتخابية، نتيجة عوامل أمنية وسياسية.
وفي هذا السياق، أوضح المختص في القانون الجنائي الدولي والعلاقات الدولية المعتصم الكيلاني في تصريح خاص لـ “الثورة”، أن المادة 24 من الإعلان الدستوري الصادر في 13 آذار 2025 تنص على أن مجلس الشعب “التشريع الانتقالي” يُشكَّل بحيث ينتخب ثُلثا أعضائه عبر هيئة انتخابية، فيما يُعيّن الثلث المتبقي من قبل الرئيس، إلا أن الإعلان لا يحدد تفصيلياً آلية «المقاعد المؤقتة والشاغرة» أو «الانتخابات الجزئية» في حال تعذّر الاقتراع في مناطق معينة بسبب الأمن أو السيطرة.
وأضاف أنه لا يوجد ما يمنع قانوناً إجراء انتخابات تكميلية في بعض الدوائر، لكن غياب المساواة في التمثيل قد يثير التساؤلات من حيث الشرعية الديمقراطية، ما لم تستكمل العملية الانتخابية في بقية المناطق لاحقاً أو تُعوض بطريقة عادلة. وأشار الكيلاني إلى أن المادة 26/1 من الإعلان الدستوري تنص على أن “يتولى مجلس الشعب السلطة التشريعية حتى اعتماد دستور دائم وإجراء انتخابات وفقاً له”، مبينًا أن الإعلان لا يشترط أن تكون جميع المقاعد مشغولة أو أن تُستكمل كل الدوائر قبل ممارسة المجلس لصلاحياته التشريعية, وبالتالي، فإن وجود شواغر لا يُبطل صلاحيات المجلس، لكنه قد يُضعف مبدأ التمثيل والمساواة بين المحافظات، لكن من زاوية المشروعية الديمقراطية يمكن أن يُشكّل نقَداً شرعياً مهماً. وتابع الكيلاني أن المادة 24 من الإعلان تنصّ على أن الرئيس يشكّل اللجنة العليا للانتخابات المشرفة على تشكيل الهيئات الانتخابية الفرعية التي تنتخب ثُلثي الأعضاء، غير أن الإعلان لم يتضمّن نصاً واضحاً بشأن الانتخابات اللاحقة للمقاعد الشاغرة، ولذلك، فإن تحديد مواعيد تكميلية لهذه المقاعد يستند إلى تفويض عام يمنح السلطة الانتقالية حق إصدار قرارات تنظيمية أو مراسيم تُكمّل القانون الانتقالي أو القانون الانتخابي المؤقت.
وأوضح، أن الإطار القانوني موجود بالشكل العام، إذ يعطي الإعلان الصلاحية لتشكيل الجهات المسؤولة عن الانتخابات لكن النص التفصيلي للمواعيد التكميلية وإجراءاتها لم تنظَّم بالكامل، ما يجعل تنفيذها يعتمد على التشريعات التنفيذية وقرارات اللجنة العليا.
وأكد الكيلاني، أن مبدأ التمثيل العادل يقتضي أن يتمتع كل مواطن بحق اختيار ممثليه، وألا تُهمش مناطق من العملية الانتخابية أو تُستثنى دون مبرر قانوني واضح، وفي حال تعذّر إجراء الانتخابات في بعض المناطق لأسباب أمنية أو واقعية “نزاع- سيطرة غير حكومية”، يُمكن للدولة الانتقالية أن تستند إلى تدابير مؤقتة.
واختتم المختص القانوني بالقول: إن المرحلة الحالية تُعد انتقالية واستثنائية ومؤقتة، هدفها التأسيس لانتقال سياسي ديمقراطي يُمهّد لانتخابات عامة حرّة تشمل جميع السوريين داخل البلاد وخارجها لذلك، تُعتبر هذه الترتيبات القانونية المؤقتة خطوة نحو ترسيخ تقاليد تمثيلية جديدة، لا نهاية مسارها.