الثورة – رانيا حكمت صقر:
استضاف المركز الثقافي في المزة اليوم محاضرة تراثية بعنوان “نوادر وظرفاء دمشق”، قدمها الباحث التراثي مازن ستوت. استعرض خلالها الأجواء الثقافية والاجتماعية لسهرات الظرفاء في دمشق خلال أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، مسلطاً الضوء على شخصيات أدبية وسياسية بارزة وأهمية هذه اللقاءات في إحياء روح الفكاهة والثقافة.
بدأ الباحث التراثي مازن ستوت حديثه لصحيفة “الثورة” بتعريف الظرفاء في دمشق قديماً، مشيراً إلى أنهم لم يكونوا مجرد ناطقين بالنكات، بل كانوا مجموعة من الأدباء والشعراء والسياسيين، بالإضافة إلى الأغنياء وأبناء العائلات السياسية.
هؤلاء الظرفاء كانوا يتنوعون في خلفياتهم ومستوياتهم الاجتماعية، وكان من بينهم فخري البارودي، حسني تللو، عدنان الأشي، رجا الشربجي، سعيد الجزائري، سليمان الجيرودي، بالإضافة إلى نساء بارزات مثل نجاة قصاب حسن وحبيب كحالي.
وركز ستوت على أن السهرات التي كانوا يعقدونها كانت مليئة بخفة الظّل، النوادر، القصص، والمساجلات الشعرية التي تعكس ثقافة عصرها. كما أشار إلى أن الأجواء كانت أحياناً محاطة بلمسات من الطرب، مما جعل هذه اللقاءات فريدة، حتى أنها كانت تذكر في الصحف التي تغطيها باعتبارها أحداثاً ثقافية معاصرة.
أما عن الأماكن التي احتضنت هذه السهرات، فقد ذكر بيت فخري البارودي، المستملك من وزارة الثقافة، كمركز رئيسي للاجتماعات، حيث كان يستضيف أدباءً، سياسيين، وفنانين كبار مثل أم كلثوم، أحمد شوقي، وعبد الوهاب. كما كانت هناك مجالس أخرى مثل مجلس صبري القباني، الطبيب والمفكر الذي كان له مجلسه الخاص، ومجلس عبد الوهاب القنواتي، الطبيب والصيدلاني.
وأشار ستوت إلى أهمية هذه المحاضرة في تعريف الأجيال الحديثة بالجو الثقافي والاجتماعي المميز في دمشق خلال الأربعينيات والخمسينيات، حين كان الناس يتحلّون بخفّة الدّم وسرعة الرّد، وهي صفات نادرة، إلى جانب قدرتهم على زرع الابتسامة ونقل المعرفة بروح من المرح والفكاهة، مما منح تلك الحقبة طابعاً مميزاً وأثرى المشهد الثقافي العربي.
السابق