افتتاحية الثورة – بقلم: رئيس التحرير نور الدين الإسماعيل:
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر شخصاً يصرخ بوجه شرطي مرور قائلاً له: “أنا استخبارات ولاك”، مهدداً بالاعتداء عليه بالضرب، ما أدى إلى حملة انتقاد واسعة تطالب بمحاسبة العنصر ووضع حدّ لمثل تلك التجاوزات.
وبحسب تصريح للمتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا، فإن الوزارة اتخذت “الإجراءات القانونية اللازمة بحقّ المعتدي”، مؤكداً أنه “سيُعرض على القضاء المختص”، ومشدداً “على أن الاحتكام إلى القانون هو السبيل لاسترجاع الحقوق ومحاسبة المسيئين”.
هذا المشهد المؤلم الذي يمثّل إساءة للمرحلة الجديدة في سوريا، أعاد إلى ذاكرة معظم السوريين الفوقية التي كان يمارسها عناصر أفرع مخابرات النظام المخلوع، واستقواءهم بمناصب ومميزات أدّت تراكماتها إلى انطلاق الثورة السورية عام 2011.
14 عاماً من التضحيات التي قدّمها السوريون في سبيل الخلاص من تلك الحقبة ومفرزاتها التي لا يمكن لأحد اليوم أن يسمح بعودتها مجدداً، بلبوس “الثورة السورية”، فما الذي حققناه إن عادت ظاهرة الاستقواء بالمنصب والوظيفة وصلة القربى مع المسؤولين، مع تغير المظهر فقط؟
يفترض أن يكون الجميع تحت سقف القانون، ولا حصانة لأحد من تطبيقه مهما كانت صفته الوظيفية، وهذا ما يجب التركيز عليه خلال الفترة القادمة، مع تعزيز الوعي لدى موظفي الدولة، وخصوصاً المسؤولين منهم، لعدم الوقوع في فخ الفساد مجدداً.
“ما بتعرف مع مين ع بتحكي”؟ و”أنا أمن عسكري” و”أنا استخبارات ولاك” و”أنا ابن فلان” وأنا قريب علتان”، وجميع العبارات التي تستفز السوريين يجب التخلص منها، هذا إن كنا فعلاً ننوي بناء دولة قانون يتساوى فيها الجميع، وهذا ما يسعى من أجله غالبية السوريين، لأنه وفق ما ينسب لأنشتاين “من الجنون أن تفعل نفس الشيء مرة بعد أخرى، وتتوقع نتائج مختلفة”.