“الناس للناس” .. حين تتحول الإرادة إلى إبداع

 

الثورة- فردوس دياب:

في قلب العاصمة دمشق، وتحديداً في حي الميدان، ينبض مشهد إنساني فريد من نوعه، إنه بازار ” الناس للناس ” الذي تنظمه “اتحاد الجمعيات الخيرية بدمشق وريفها”، فهو ليس مجرد معرض عادي للمنتجات، بل هو قصة كفاح مجتمعي، وسرد حي لروح التحدي التي ترفض الاستسلام، حيث تتحول الأنامل التي عانت من ظروف قاسية إلى أدوات إبداع، وتتحول المعاناة إلى طاقة إنتاجية، والفاقة إلى كرامة إنسانية.

همم تتحدى المستحيل

تمثّل قصة الطفلة ريما النابلسي ، المصابة بـ” متلازمة داون”، نموذجاً للإصرار والتحدي، فهي تشتغل بالأعمال اليدوية كربطات الشعر، وكذلك تثبيت الخرز، والرسم والتلوين، وهي تريد تطوير عملها ، كما أنها تشارك دائماً في البازارات لوجود أطفال من أقرانها.

كذلك الطفلة “علا” المصابة أيضاً بمتلازمة داون، والتي تجسد نموذجاً آخر للإصرار والإرادة، فهي تعمل بالاكسسوارت وصناعة المسابح وتساعد والدتها في تركيبة الصابون وتحبّ الرسم والرياضة، وتحاول أن يكون لها دخل من أجل إعالة والديها.

بدورها ،تشرح “أمل معدللي”، المسؤولة الإعلامية في الاتحاد، العمق الحقيقي لهذه الفعالية حيث تقول: “فعاليتنا قريبة على القلب، اسمها (بازار من الناس للناس).

الفكرة بسيطة وإنسانية، كتير من الناس المكفولين بالجمعيات حتى يقفوا على أقدامهم ، ويستطيعوا أن يعملوا ويعرضوا عملهم من خلال المشاريع التابعة للجمعيات والمؤسسات”.

وتضيف معدللي : “هدفنا إخبار الناس بأن هؤلاء الاشخاص لا يطلبون صدقة، بل هم يعملون ويكافحون للعيش بكرامة رغم كلّ الظروف التي تمرّ عليهم، و أن الدعم هنا ليس منّة أو صدقة، بل هو استثمار في الطاقة البشرية.

رؤية متجددة

بدورها ،أوضحت “رشا قباني”، منظمة الفعّالية قائلة: إن البازار يهدف إلى عرض المنتجات ومشاريع الجمعيات الخيرية ، ويضم حوالي 32 أو 35 جمعية، منها للأيتام وأخرى لحفظ النعمة وأيضاً للمعاقين والشلل الدماغي، مبينة أن هذا البازارهو لمدة ثلاثة أيام، وريعه يعود إلى كلّ جمعية للأمور المختصة فيها، كما أن هناك جمعيات مختصة بإعالة عائلات من خلال شرائها منتجات من أجل بيعها في هذا البازار.

أما روان المصري مسؤولة مكتب الجمعيات الخيرية، فقد أشارت إلى أن البازار يمثّل ثمرة تعاون بين اتحاد الجمعيات والعديد من الجمعيات الخيرية في دمشق التي تعمل مع شرائح متنوعة من النساء الكفيلات والأرامل والمطلقات وذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى ،منوهة أن العائد المادي من البازار يعود بالكامل لهذه الأسر والجمعيات العاملة مما يدعم استمرارية مشاريعهم .

من جهتها تحدثت “صباح الدخيل ” من مؤسسة همم” عن رؤيتها التمكينية الشاملة من خلال المشاركة بالبازار من أجل تسليط الضوء على ذوي الهمم حتى تكون لديهم فرصة للحصول على مصدر دخل دائم، وليس لمرة واحدة، وتطمح الدخيل إلى مشروع أوسع عبر إنشاء مركز تجمعي يعرض فيه كلّ منتجاته.

مشاريع إنسانية أما هدى بدوي من مؤسسة سديم للخدمات الإجتماعية والتنمية، فتحدثت عن مشاركة مؤسستها بهذه الفعّالية من خلال كفالة اليتيم ومساعدة الطلاب، و مشروع التطريزالنموذجي حيث يتم من خلاله تقديم دورات تستهدف الشريحة المهمشة التي ليس لديها إمكانيات أو قدرات النزول إلى سوق العمل.

من جهتها “رانيا التلاوي” من جمعية “القزاز للإغاثة والتنمية” أوضحت أن مشروع “سلطانة” يتضمن تعليم عدد من السيدات المتعيشات من مهن نسوية من خياطة وتطريز، سنارة سنارتين، شمع، صناعة الخرز واللولو، كما تقوم الجمعية على عمل مشاريع لكي يعيشوا من ورائها ، مبينة أن هذا البازار هو فرصة لعرض إنتاج السيدات وتسويق لأعمالهم من صناعة الورد والتطريز بأنواعها كافة .

أما “فداء الكشك” متطوّعة في جمعية “المحبّة” قدّمت لمحة عن المنتجات الغذائية المشاركين فيها : كالأجبان، والزيتون، المخللات، والمربيات بكافة أنواعها ، ومجفف الباذنجان، مبينة أن الشغل عائد للجمعية” وذلك لدعم استمرارية عملها الخيري بدورها قالت “ندى محايري” من جمعية “النور الخيرية” أن مشاركتهم في البازار هو عبارة عن عرض المنتجات اليدوية للسيدات من منتجات كيماوية كالصابون والكريمات الطبيعية ،إضافة إلى الإكسسوارات والكروشيه ، بهدف دعم مشاريعهم الصغيرة لكي تتحول الأسر من محتاجة إلى منتجة .

” إن بازار “الناس للناس” ليس مجرد فعّالية خيرية عابرة، بل هو نموذج متكامل للتنمية المجتمعية المستدامة، إنه يعيد تعريف مفهوم العمل الخيري من كونه مجرد إغاثة عاجلة إلى كونه تمكيناً مستداماً ، حيث تتحول قصص المعاناة إلى حكايا نجاح، والتحديات إلى فرص، والحاجة إلى كرامة، هو رسالة أمل ترددها أنامل صنعت من الظروف القاسية فرصاً للعطاء، ومن التحديات سُلماً للصعود، ومن المعاناة مصدراً للإبداع ، إنه تجسيد حي لمقولة: “اليد التي تعطي هي اليد التي تنتج”

آخر الأخبار
في خطوة تعكس تحولاً مفصلياً.. الرئيس الشرع يلتقي ترامب في البيت الأبيض رفع قانون قيصر بداية مرحلة جديدة بفرص استثمارية كبيرة توسع التعامل بالدولار.. هل هو خطوة مؤقتة أم خلل مستمر؟ افتتاح مركز السجل المدني في مدينة العشارة بدير الزور تراجع إنتاج فاكهة الشتاء يدخلها غرفة الإنعاش "المنزول" بحمص.. مشروعات جديدة نهاية العام التسوّل في طرطوس بين الحاجة والاحتيال توريد آليات للنظافة وتعبيد الطرق أعمال خدمية متوازية بريف دمشق إصلاح الكهرباء يبدأ من تحسين الخدمة وضبط الهدر المخلفات المتفجرة خطر يهدد الحياة بعد الحرب منازل ذكية وراحة رقمية بـ "كاميرا خفية" في كل زاوية غرفة صناعة دمشق تطالب بتعديل قانون الطاقة البديلة "الناس للناس" .. حين تتحول الإرادة إلى إبداع رشة سكر.. مشروع حلويات بنكهة الحب والإصرار الكشف المبكر عن سرطان الرحم يساعد في الشفاء التام تطبيقات كارثية شهاداتٌ على الرف.. والتدريب طريق العبور "لعبة شارلي".. بين فضول الأطفال وخوف الأهل.. ماتحذيرات المختصين؟ الاحتيال والنصب عبر النت.. ممارسات خطيرة وخسائر فادحة ! من رماد الحرب إلى الرجاء.. "الغسانية" تعود إلى الحياة