الثورة ـ ميساء السليمان :
في السنوات الأخيرة، اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع تظهر أطفالاً ومراهقين يشاركون في ما يسمى “لعبة شارلي”، حيث يضعون قلمين متقاطعين على ورقة كتب عليها “نعم” و”لا”، وينادون “الروح شارلي” ليجيبهم بتحريك القلم! قد تبدو اللعبة في ظاهرها تسلية بريئة، لكنها أثارت قلق الأهالي والمعلمين لما تسببه من خوف نفسي واعتقادات غير صحيحة لدى الأطفال.
“الثورة” رصدت رأي الأهل والمعلمين وطلاب الحلقة الأولى والحلقة الثانية.

رأي الأهل
تقول أم عبدالله، وهي أم لطفلين في المرحلة الإعدادية: سمعت ابني يتحدث مع أصدقائه عن لعبة شارلي، فشعرت بالخوف.
لم أكن أتخيل أن الأطفال يمكن أن يصدقوا أن هناك روحاً تحرك القلم! حاولت أن أشرح له أن هذا مجرد توازن فيزيائي وليس شيئاً خارقاً للطبيعة.
أبو علي، أب لثلاثة أطفال، يقول: “المشكلة ليست في اللعبة نفسها، بل في الفضول الكبير لدى المراهقين، ورغبتهم في تجربة كل ما يشاهدونه على الإنترنت.
أعتقد أن الرقابة وحدها لا تكفي، بل يجب أن نعلّم أبناءنا التفكير العلمي وعدم تصديق كل ما يُنشر”.
بينما قالت أم جوري، وهي أم لطفلتين: بصراحة، لم أكن أعرف كيف أشرح لابنتي أموراً أشعر أنها أكبر من عمرها، وقد استغربت كيف أن طفلة في مثل سنها تتحدث في مثل هذا الموضوع، وتفاجأت عندما علمت أن هذا الأمر يتداول في المدرسة. وحول رأي التلاميذ، تقول سارة (طالبة في الصف السابع): “شاهدت اللعبة على تيك توك، وجربناها أنا وصديقتي في المدرسة، وعندما تحرك القلم خفنا كثيراً وصرخنا! بعد ذلك أخبرتنا المعلمة أن الهواء هو السبب وليس الأرواحً.
كرم (13 عاماً): “كنا نلعبها بدافع الفضول، لكن بعد أن فهمت أنها ليست حقيقية، شعرت بالراحة، وتعلمت أن لا أصدق كل شيء على الإنترنت”.
الطالبة شام (الصف الرابع) قالت: إن اللعبة “تخيف الأطفال لأنها تتحدث عن الأرواح والأشباح”.
بينما ذكر الطالب ليث (الصف الثالث) أنه جرّبها مع أصدقائه وشعر بعدها بالقلق ولم يستطع النوم بسهولة.
ومن ناحية آراء المعلمين توضح المعلمة صفاء الشافعي، مدرسة العلوم في ثانوية الحسينية بالقوى لاحظنا أن بعض الطلاب يتحدثون عن اللعبة خلال الاستراحة، قمنا بشرح الظاهرة من منظور علمي، وبيّنا لهم أن تحرك القلم ناتج عن الاهتزازات والهواء.
هذه فرصة لنغرس في الطلاب التفكير العلمي والمنطقي بدل الخرافات”.
معلمة التربية الدينية هويدة حسين، بيّنت أنه علينا أن نربط دائماً بين العلم والإيمان، ونوضح للطلاب أن مثل هذه الألعاب لا تمت إلى الدين بصلة، بل تزرع الخوف في القلوب وتُضعف الثقة بالله.
حاجة الاطفال للتفاعل والتشويق
المرشدة الاجتماعية غفران عوض، ذكرت أن ظاهرة لعبة شارلي تكشف حاجة الأطفال إلى التفاعل والتشويق، لكنها تُظهر أيضاً غياب التوجيه الإعلامي والأسري.
فالطفل لا يدرك الحدود بين الواقع والخيال، لذلك من المهم التحدث معه بهدوء وشرح ما وراء هذه الألعاب.
الترهيب أو السخرية ليسا الحل، بل الحوار والتثقيف والتوعية.
كما يجب على المدارس إدخال أنشطة تُنمّي التفكير النقدي وتكسر الروتين، حتى لا يبحث الأطفال عن الإثارة في مصادر خطرة.
يبقى التحدي الحقيقي ليس في منع لعبة أو تطبيق، بل في بناء وعي مجتمعي يوازن بين الفضول الطبيعي لدى الأطفال والتوجيه التربوي السليم.
ولعل تجربة “لعبة شارلي” تذكير لنا جميعاً بأن الجهل بالخرافة أخطر من اللعبة ذاتها، وأن العلم والحوار هما السبيل الآمن لحماية أبنائنا من كل ما يُخيفهم أو يضللهم.