الثورة – ميسون حداد:
يجد الكثير من السوريين اليوم ضالتهم في “سوق الجمعة” لتوفير الاحتياجات الأساسية بأرخص الأسعار، إلا أنّ هذا الإقبال لا يخلو من تبعات تثقل يوم “الجمعة” على القاطنين في محيطه، الذين يشكون من ضجيج الباعة والفوضى المتكرّرة وترك النفايات وإغلاق الطرقات.

وفي هذا السياق، تحدّثت صحيفة “الثورة” إلى الأستاذة سوسن سنديان، ماجستير إرشاد وتأهيل وتخصص علم اجتماع في كلية التربية بجامعة دمشق، التي قدّمت قراءة تحليلية للظاهرة.
دور اجتماعي واقتصادي في قراءةٍ أولى لطبيعة هذا السوق، أوضحت الأستاذة سنديان حول سؤالنا عن الدور الذي يلعبه “سوق الجمعة”، أنه بات اليوم فضاءً اقتصادياً واجتماعياً يلبّي احتياجات الناس رغم ضجيجه.
وتابعت أنّ دوره لا يقتصر فقط على توفير السلع بأسعار منخفضة، بل يمتد ليعزّز العلاقات بين الباعة والزبائن، مشيرةً إلى أنّ كثيراً من الباعة يراعون الظروف المعيشية لبعض المتسوقين، فممكن أن يُرخَّص للبعض أو تُنتقى لهم بضاعة أفضل حسب وضعهم.
وخلال الحوار، لفتت إلى أنّ تنوّع البسطات وتجاور السلع يسهّل عملية التسوّق للعائلات، خصوصاً أنّ المواد الغذائية والخضار والفواكه تنتقل مباشرة من المنتج أو من سوق الهال إلى السوق، ما يتيح الشراء بالمفرّق وبأسعار تناسب مختلف المستويات بين النخب الأول والثاني وحتى شراء الكمية كاملة بسعر أقل، وأضافت سنديان: “إن هذا النمط يتيح للنساء خاصة فرصة الجمع بين التسوق والتواصل الاجتماعي”.
الإزعاج والتكيّف
وعند سؤالنا عن تبعات الضوضاء، والقمامة في الشوارع، والتي يشتكي منها السكان، أكدت سنديان أنّ الأهالي القاطنين قرب السوق لديهم معاناة حقيقية من ضجيج الباعة وحركة الزحام، لكنّ الكثير منهم تكيّف مع هذه الحالة بحكم الاعتياد، رغم بقاء الإزعاج مسألة حاضرة لدى العديد من السكان.
وحول ترك القمامة بعد انتهاء السوق، تشير سنديان إلى الأثر المزعج للروائح التي تشتد صيفاً، وطبيعة هذه الأسواق التي غالباً ما تبتعد فيها المنازل عن قلب السوق، ما يخفّف من حجم الضرر بشكل نسبي.
الازدحام وإغلاق الطرقات

أوضحت سنديان أنّ حركة الفانات التي تقلّ المتسوقين تُعدّ من أبرز مسبّبات الازدحام وإغلاق الطرقات، هذا ما بدأت به الحديث عند سؤالنا عن المشكلة، وأكدت: “إنّ دخول السيارات إلى السوق متعب وصعب جداً وشبه مستحيل، ما يدفع الأهالي إلى الانتظار عند مداخل الشوارع”، بينما تستمر حركة البسطات والمارة في خلق حالة مستمرة من الاختناق المروري.
حق السكان وحاجة المتسوقين
وحول التوفيق بين حق السكان وحاجة المتسوقين، ترى سنديان أنّ التوفيق بين حق السكان في الراحة وحاجة الناس إلى هذا السوق الشعبي يقتضي إعادة تنظيم المكان ليكون مخصّصاً للتسوّق فقط، معتبرة أنّ “احتكار المنطقة للتسوّق والضجة” يجعل الاحتكاك بين السكان والباعة يومياً ومستمراً.
وتشدد على ضرورة وجود ضبطٍ فعّال للأسعار، وتوفير عمال نظافة على مدار اليوم، وتعزيز الأمن، خاصة في ظل السرقات التي تزداد في فترات الازدحام كشهر رمضان.
خاتمة
بين ضوضاء السوق وفوضاه من جهة، وحاجة الناس إلى السلع الرخيصة من جهة أخرى، يبقى “سوق الجمعة” معادلة اجتماعية واقتصادية تُنتج حلولاً ومشكلات في آن واحد، وهو ما يجعل تنظيمه ضرورة لا رفاهية.