الثورة- راغب العطيه :
تتقاطع مشاركة سوريا في اجتماعات الجمعية العامة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) في دورتها الحالية في مراكش بالمغرب، مع مسار اهتمام الحكومة السورية بالانخراط في الاجتماعات الإقليمية والدولية على الأصعدة كافة، بما يعزز علاقات التعاون والتنسيق، وخاصة في المجال الأمني.
وفد من وزارة الداخلية، يضم عدداً من كبار الضباط، شارك السبت الفائت، في ورشة عمل عُقدت في مدينة جنيف بسويسرا، برعاية جامعة “نايف” العربية للعلوم الأمنية وبالتعاون مع مركز جنيف للدراسات الأمنية، تحت عنوان “دور العلاقات الدولية والدبلوماسية في المجالات الأمنية”. وقد حضرها نخبة من الخبراء الدوليين وممثلون عن عدد من الدول العربية.
وذكرت وزارة الداخلية في قناتها على “تلغرام”: إن الورشة ناقشت مجموعة من المحاور الرئيسية، شملت الهندسة الدبلوماسية في السياق الأمني المعاصر، ودور منظمة التجارة العالمية (WTO)، واتفاقيات الحدّ من التسلح وإزالة الألغام في الدول الخارجة من النزاعات، إضافة إلى التطوير السيبراني والتحول الرقمي وانعكاساتهما على المنظومات الأمنية الحديثة.
كما تضمنت جلسة متخصصة حول دور الأمم المتحدة في الوساطة بسوريا، استُعرضت خلالها الآليات الدولية لإدارة النزاعات وتعزيز مسارات السلام، وذلك ضمن جهود وزارة الداخلية لتطوير كوادرها، وتعزيز حضورها الدولي، وتبادل الخبرات في المجالات الأمنية والدبلوماسية، مؤكدة أن الوفد اختتم أعمال الورشة بزيارة رسمية إلى مقر الأمم المتحدة في جنيف.
التعاون مع الإنتربول
ويشارك وفد من وزارة الداخلية برئاسة معاون الوزير للشؤون الأمنية، اللواء عبد القادر طحان، في أعمال الدورة الـ93 للجمعية العامة لمنظمة الإنتربول، المنعقدة في مدينة مراكش بالمملكة المغربية بمشاركة كبار القادة الأمنيين من الدول الأعضاء، بحسب ما ذكرت وزارة الداخلية .
وأكد بيان الوزارة أن برنامج عمل الجمعية تضمن الإعلان عن إطلاق قدرات شرطية متطورة، من بينها منصّة “Nexus” المدعومة بالذكاء الاصطناعي، لتعزيز تبادل المعلومات بين الدول، والمساعد الافتراضي “AVA” المخصص لمعالجة البيانات وتحليلها بسرعة وكفاءة لخدمة الضباط في الميدان.
ويبحث المؤتمر الأمني الدولي آليات تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب العابر للحدود والجريمة السيبرانية، إضافة إلى تطوير أنظمة تبادل المعلومات والخبرات بين الأجهزة الشرطية.
وتأتي مشاركة الوفد السوري تأكيداً على حرص وزارة الداخلية على تعزيز التعاون مع منظمة الإنتربول، وتفعيل قنوات التنسيق الدولي في مواجهة الجريمة المنظمة والعابرة للحدود، بما يسهم في دعم الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.
وانطلقت الدورة الـ93 للجمعية العامة للإنتربول الاثنين الماضي في مدينة مراكش، وتستمر حتى يوم غد الخميس 27 تشرين الثاني/نوفمبر، بمشاركة نحو 800 مندوب و82 مديراً للشرطة و25 وزيراً من 179 دولة.
وعقد اللواء طحان اجتماعاً مع اللواء أحمد ناصر الريسي، رئيس منظمة الإنتربول، وبحث معه سبل تعزيز التعاون في المجالات الأمنية والشرطية، ولا سيما مكافحة الجريمة المنظمة والعابرة للحدود والجريمة السيبرانية، والاستفادة من منصّات الإنتربول، وتطوير برامج تدريب كوادر وزارة الداخلية بما يسهم في رفع الكفاءة وبناء القدرات.
وتضم المنظمة الدولية للشرطة الجنائية 196 بلداً، وتعمل على تعزيز التعاون بين سلطات الشرطة في مختلف أنحاء العالم لمكافحة الجريمة. وهي تشرف على شبكة عالمية لتبادل المعلومات وقواعد البيانات الجنائية، وتُصدر إشعارات دولية تُعرف بـ”النشرات” لمساعدة الدول الأعضاء في ملاحقة المجرمين وجمع المعلومات.
وتضم الجمعية العامة للإنتربول مندوبين تعينهم حكومات الدول الأعضاء في المنظمة، وتجتمع مرة واحدة في السنة. وتتولى الجمعية العامة اتخاذ جميع القرارات الأساسية المتعلقة بالسياسات العامة، والموارد المخصصة للتعاون الدولي، وطرق العمل، والمالية، وبرامج الأنشطة، وذلك على شكل قرارات.
المعركة التقنية ضد جرائم الإنترنت
وعن عودة سوريا للمشاركة في الاجتماعات العربية والدولية، قال المحامي والمستشار القانوني، حسن الحريري، في حديث خاص لصحيفة “الثورة” السورية: إن “سوريا دولةٌ مؤسِسة لجامعةِ الدولِ العربية، وأيضًا دولةٌ مؤسِسة للأمم المتحدة. ووفقًا للنظام الدولي، توجد مجموعةٌ من الاتفاقيات والبروتوكولات التي وقّعت عليها الدولُ الأعضاء، سواء في جامعة الدول العربية أو في الجمعية العامة للأمم المتحدة. ومن ضمن هذه الاتفاقيات، اتفاقية المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)، وهي متخصّصة في تسليم المجرمين في الأحكام الصادرة عن الدولة التي ينتمي إليها هؤلاء المجرمون، أو وقعت الجريمة على أرضها”.
وعليه، في حال الرغبة في تنفيذ هذا الحكم، يتم ذلك وفق آليةٍ معيّنة مع الدولة التي يوجد فيها الشخص الصادر بحقه الحكم.
لذلك، من المهم جداُ أن تعود سوريا إلى موقعها الطبيعي بين المجموعة الدولية أو المجموعة العربية، وأن تحضر كامل الأنشطة.
وأضاف الحريري: أن “سوريا، خلال العقود الماضية، في حقبة نظام الأسد وخاصة في فترة الابن المخلوع، كانت تقريباً في عزلةٍ دولية، ولم تكن تساهم مساهمة فاعلة في الكثير من الاجتماعات وغيرها، وذلك بسبب أنها دولة راعية للإرهاب، ودولة مارقة، بحسب التقييمات الدولية الغربية. لذلك، فُرضت عليها العقوبات الأميركية اعتباراً من سبعينيات القرن الماضي، ومن نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، حيث وُضعت عقوبات مشدّدة على الدولة السورية، بسبب سلوك النظام القمعي الذي حكم سوريا خلال تلك العقود”.
وفي الوقت الذي يركز فيه الإنتربول حالياً على جرائم الإنترنت، والاحتيال الرقمي، والجرائم المالية عبر التشفير، والهجمات السيبرانية، تعمل سوريا على تطوير قدراتها الرقمية في المجال الأمني والشرطي، وتؤكد في الوقت نفسه أنها تريد أن تكون جزءاً من المعركة التقنية ضد جرائم الإنترنت حول العالم.
ومن أهم الرسائل الأمنية والتقنية للمشاركة السورية في أعمال الجمعية العامة للإنتربول وفقا للحريري، بعد أقل من سنة من سقوط النظام، هو أن سوريا الجديدة تريد الانخراط في منظومة تبادل المعلومات الأمنية العالمية.