ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم: ميسلون.. حكاية نستحضر تفاصيلها اليوم.. وقد أورثت البطولة والاستشهاد، وأدركت مسبقاً أن كل الروابي في سورية تشبهها، وكل المعارك البطولية تتشبه بها..
في استحضارها نعيد للذاكرة نبضها، وقد أتخمتها السنوات وهي تراكم مشاهد البطولة فيها، حتى عادت اليوم تستذكر التاريخ مع فوارق الزمن.. والخيارات تكبر كلما زرعت حولها الياسمين الدمشقي ليعرش إلى أرواح شهدائها، وقد غرست فيهم اليقين الأكيد بقدسية الرسالة التي أدّوها.
ميسلون سطر في التاريخ، الحقيقة التي ظللت سورية «عمود السماء»، ورسمت خلفها قناعات الشهيد بأن يعبّد الطريق كي تبقى الشعلة مستمرة.
ويقين الشهيد أنه يبني على مساحات الوطن رسالة الوجود التي تتعمد بسوريتها، لتكون فيها خصائص هذه الروح، التي عانقت نقاء الأرض وطهارة التراب في عهود تناقلتها الأجيال واستمدت منها روح الديمومة المتواصلة.
بين ميسلون ودمشق عادت شرايين الحياة لتتوهج بدم الشهداء.. وبينهما أيضاً يرسم السوريون لوحة الفداء والتضحية ليظل التاريخ هنا شامخاً.. وليظل الوجود مستمراً.. والأجيال التي تشربت يقين الشهيد في ميسلون تتلمس اليوم معالم دربها من يقين الشهداء في دمشق وسواها من الأرض السورية.
ندرك جميعاً أن الحلم الدمشقي المغروس بين أضلع السوريين ينبض بروح الشهادة، التي تواصلت على مرّ الأجيال، وهي تحاكي ذاك الوجدان حين يفرد جناحيه في زمن تستكلب فيه أدوات العدوان، وتتكالب وسائل المؤامرة، وهي تنطلق في حربها الكونية دون هوادة، كي تزعزع ذلك اليقين الذي يرهقها.. يوجعها.. ويعطل مخططاتها ويحول دون أن تتمكن من زرع ألغامها الملوثة فينا.
وندرك أيضاً أن ساحات المواجهة تُفتح اليوم على مصراعيها، وقد أماطت اللثام عن وجوه العدوان والأعداء، وكلاء كانوا أم أصلاء.. الأجراء منهم والمرتزقة والإرهابيون.. كما هم المخططون.. والممولون والمحرضون المباشرون منهم وغير المباشرين.. وهي مواجهة بمعاييرها ومقاييسها والمعادلات الناشئة منها والمحدثة أو تلك التي كانت قائمة ترسم مسارها الافتراضي.. لكنها في نهاية المطاف ستأخذ بالضرورة بعبر التاريخ ودروس تجاربه.
كـذبهم لم يتوقف.. لم تخفّ وتيرته، ولم تهدأ افتراءاتهم في السياسة والإعلام والدبلوماسية، ومعاركهم رغم تلونها تتشابه في الاجتزاء والتحريف، وكأن الزمن يتوقف بانتظار كذبات أخرى ودجل آخر.
في ميسلون كان الدرس المستمر وقد سجل يقين الشهيد بصماته.. وفي مواجهة اليوم أيضاً هو اليقين ذاته لكل شهدائنا.. والقادة منهم تحديداً وقد أوقدوا نبراسهم وظللوا سياج الوطن بتضحياتهم.. ليكونوا عنواناً جديداً ومعادلة جديدة حقيقية وواقعية تدحض كل افتراضات أولئك القابعين في غرفهم السوداء وهم يديرون خطط المؤامرة، وقد انكشفت خيبتهم وضاعت أوراقهم.
ميسلون ليست ذاكرة فقط.. ويوسف العظمة لم يكن شهيداً فحسب، بل شاهد إثبات على أن هذا اليقين بحتمية الانتصار كان الرسالة التي خطتها دماؤه الطاهرة، وبات اليوم في قناعات الطيف الواسع من السوريين.. وشهداؤنا القادة الأبطال هم الإثبات من جديد.
دمشق اليوم كانت بحاجة لميسلون.. وميسلون كانت ترنو بناظريها إلى دمشق.. وهي تزهو بأبطالها.. بشهدائها.. كما هي سورية بقراها ومدنها وبلداتها.. بسهولها وجبالها تحكي قصة كل شهيد من أجل أن تبقى دمشق قلبنا النابض، وسورية عقلنا الدائم..
وتمضي الحكاية.. وميسلون جديدة تسطر حروفها.. تكتب رسالتها.. تضمّ أبطالها.. ويقين الانتصار الذي زرعه شهداؤها من ميسلون إلى كل لحظة تمضي وحتى نحسم المعركة هو بوصلة نهتدي بها..!!
a-k-67@maktoob.com