في شيطنة العناوين..!!

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم:
كان لافتاً أن يستدرج الحديث عن المبادرة الروسية خروجاً تلقائياً من العموميات المأخوذة من سياق الطرح الروسي إلى التفاصيل ليعاكس القاعدة العامة التي تتخوف في العادة من الشياطين الكامنة في التفاصيل -حيث كانت تقف هذه المرة في العناوين أكثر مما هي في التفاصيل- في مفارقة تستدعي التمعّن،

حيث الإرهاب وما يطرحه من تحديات أمام المجتمع الدولي لم يعد مسألة قابلة للتأجيل ولا موضعاً يحتمل التسويف.‏

ورغم أن المقاربات التي شعرت بالحرج أمام تدحرج الكرة التي رمتها روسيا في الملعب الإقليمي بامتداداته الدولية، بدأت بالانحسار نتيجة الإحساس المتزايد باللا جدوى من المماحكات اللفظية التي تحاول أن تُخرِج الطرح من سياقه وافتعال معارك هامشية على المصطلح تارة وعلى الآلية تارة ثانية، أو بمعيار المقارنة الصعبة التي لا تقبل المفاضلة على البديهيات، ولا تساوم في الثوابت، خصوصاً أن الكثير من تلك المماحكات اتسمت بالتفاصح حين حاولت محاكاة مضمون الفكرة الروسية.‏

فالحديث الروسي كان من الوضوح إلى درجة أنه لا يحتمل التباساً هنا أو استيضاحاً هناك، ولا يقبل تأويلاً في غير موضعه، بدليل أن الشيطان يجد نفسه محاصراً ولا وجود له حين تصل الأمور إلى المضمون، رغم ما أحاط بها من استفسارات تعمّدها أصحابها ومريدو شيطنتها، وقد تلاشت أو كادت حين تعلق الأمر بالتفاصيل، ولا سيما تلك التي برزت في إعادة النظر بلائحة الأولويات والسياق الذي سينتج عبرها.‏

ومع ذلك عادت بعض العناوين لتتصدَّر التساؤلات عن ترتيب الأولويات في المنطقة بالتزامن مع الحديث عن مكافحة الإرهاب، وفيما الاتفاق الجامع رغم التباين في الأهداف والأجندات يلتقي عند مكافحة الإرهاب، تدور رحى الحروب والدفاعات الاستنتاجية على تخوم المداورة في تحريف الاتجاه والهدف معاً، ولا يزال الغبار المتصاعد من تلك المعارك يشكل مظلة للتهرّب من الواقع القائم تحت مسميات البحث في التفاصيل حيناً، والرغبة في تعويم العناوين بعيداً عن مضمونها حيناً آخر.‏

فإذا كان الحديث عن الحلّ السياسي مقدمة لازمة يتم تفهّم مسوّغاتها والحاجة لوجودها، بل وضرورتها، فإن الإقرار بمكافحة الإرهاب كأولوية ملحّة تسبق سواها بات أمراً لا يحتاج إلى نقاش، بما في ذلك ما يتم الترويج له في أروقة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، حيث الموقف الذي أطلقه نائب وزير الخارجية الروسي بعد حديثه مع المبعوث الأممي يستدعي التمعّن في دلالة الحزم الروسي في تفسير المبادرة التي أطلقها الرئيس بوتين، إذ إن مكافحة الإرهاب سابقة لسواها، وما تبقى يكون بعد المواجهة، وليس قبلها، لأن أي حديث عن الحلّ السياسي دون أن يترافق بمكافحة الإرهاب يبدو محاولة واضحة لخلط الأولويات، وبالتالي وضع العصيّ في دولاب المسعى الروسي.‏

وإذ يترافق ذلك بحديث أميركي يعوم الطرح المجتر ذاته مع إشارات متباينة تجاه الأدوات في المنطقة يجعل أي جزم في المسألة أحجية غير قابلة للفهم ولغزاً محيّراً يصعب حلّه، دون الأخذ بعين الاعتبار مقتضيات التحرك الأميركي لإشغال الوقت حتى إشعار آخر، من دون أن يسجل على الإدارة الأميركية تقاعسها في مواجهة الإرهاب، أو التردد في الاستجابة لدعوات محاربته، وتحديداً الروسية.‏

فروسيا التي تعيد عدّ أوراق القوة لديها والفائض منها والناتج في جزء كبير منه عن عثرات الأميركي وفشل أدواته وعجز خياراته البديلة، تدرك بحكم ما تراكم لديها من خبرات، وما تعزّز من قناعات أن الفروق القائمة في مكافحة الإرهاب بين تطابق قوله بفعله، وبين من يتناقض في ذلك، تكفي لفرز الادّعاء عن الحقيقة والواقع عن الافتراض.‏

الأهم أن الاختبار الروسي ليس مجرّد ممر إجباري للمواقف تتكشّف حقيقتها وتتضح مساراتها من دون رتوش، وتغيب غبار المعارك المفتعلة عنها، بقدر ما يعكس اتجاهاً يزداد في واقع العلاقات الدولية وفي المخاطر التي يشكلها الإرهاب، وما تقتضيه مسؤوليتها في وضع حدّ لحقبة من النفاق السياسي آن لها أن تضع أوزارها وترحل..!!‏

الدبلوماسية الروسية وفرت «سلم» النزول عن الشجرة التي اعتلاها معتنقو مذهب ذلك النفاق، كما حضرت وهيأت الأرضية للخروج من نفق يبدو من دون نهاية، والكرة في ملعبهم..!!‏

 

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
كيف يواجه المواطن في حلب غلاء المعيشة؟ إزالة أنقاض في حي جوبر بدمشق ريف دمشق: تأهيل ٩ مراكز صحية.. وتزويد ثلاثة بالطاقة الشمسية جامعة دمشق تتقدم ٢٤٠ مرتبة في التصنيف العالمي إطلاق القاعدة الوطنية الموحدة لسجلات العاملين في الدولة ما هي أبرز قراراته المثيرة للجدل؟ شعبية ترامب تتراجع بعد مئة يوم على توليه منصبه  الأمم المتحدة تدعو لرفع العقوبات والاستثمار في سوريا الأوروبي" يواجه تحديات خارجية وداخلية.. فهل يتجاوزها ويصل إلى الحالة "التكاملية"؟ إعلام غربي يدعو للاستفادة من المتغيرات الدولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة The NewArab:  محادثات الشيباني وميلز ركزت على فرص تحسين العلاقات بين دمشق وإدارة ترامب مصر والسعودية تؤكدان ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا  حملة "شفاء".. عمليات جراحية نوعية في اللاذقية المصالح العقارية تضاهي "المركزي" بأهميتها..  خبير عقاري لـ"الثورة": الملكيات مُصانة ولا يمكن تهر... غلوبال تايمز: واشنطن بالغت في إبعاد الصين عن التجارة العالمية مظاهرات احتجاجية في تركيا وباكستان واندونيسيا..  عشرات الشهداء بمجازر جديدة للاحتلال في غزة الأمم المتحدة تدعو "الحوثيين" للإفراج الفوري عن جميع موظفيها المحتجزين تعسفياً  خارطة الخيارات الاستثمارية الحالية رهينة الملاذات الآمنة 70 بالمئة من طاقة المصانع معطّلة... والحل بإحياء الإنتاج المحلي  استفزاز إسرائيلي جديد.. زامير يتجول بمناطق محتلة في سوريا الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس