ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم: يفتح الطمع الاستعماري دفاتره القديمة بحثاً عن موطئ قدم يعيده إلى النسق الأول.. ويجتاز عتبة المسموح ويطوي حياء العقود الماضية، فيما أبواقه تزيح الخجل جانباً وتستحضر معها كذب ورياء كل ما عرفته البشرية في عهودها الماضية والحالية.
طمع تحركه الأهواء المريضة، ويتقاطع مع المرتزقة في معاييرهم، ويضيف إليها نماذج العدوان المستحدثة من إرهاب السياسة والإعلام والاقتصاد وصولاً إلى إعلان الحرب عبر الحصار والعقوبات.
منطق الطرح يرسم تجلياته بوضوح في هذا الهذيان السياسي الذي يحكم مقابض القرار الغربي، وقد أنتج في العقدين الماضيين حالة من التورّم السياسي الذي أعاد إذكاء نار الرغبة في السيطرة مدفوعاً بجشع لا يتوقف عند حدود، ونهم في الاستلاب إلى سقوف غير مسبوقة.
لايكاد يغلق باباً حتى يفتح أبواباً، وما كان يفعله تحت الطاولة بات اليوم علناً، وما كان يمارسه مستتراً عبر أدواته المستحدثة بات جهاراً مع أدواته التقليدية.. وما حيده منها في الأشهر الماضية عاد ليستحضره بتبجح.
ولايزال العقل الغربي محكوماً بأوهامه التي تدفع به إلى التمسك بسطوته في الأرض والجو والبحر.. يفرض متى شاء الحصار والعقوبات ويمارس هيمنته في السياسة والإعلام والدبلوماسية وصولاً إلى العسكرة.
خزان الاحتياطي من الكذب الغربي في المنطقة بدأ ينفد.. والنفاق والرياء نراه في أشد صوره وضوحاً.. وما علينا إلا أن نرقب المشهد وتفاصيله.. كذب في الإعلام.. هرطقة في الشعارات، حديث ممجوج في السياسة.. يحضر ذرائعه بالتوازي مع حالات الإفلاس.
احتياطي الطمع وحده الذي يزداد.. يكشر عن أنيابه بذرائع ودون ذرائع.. والحاجة إلى سفك الدم هي المعيار، بصفاقة يقف مع الإرهاب.. يعلن دعمه جهاراً.. يحرك أدواته لتمويله ومرتزقته لتجنيد المزيد..
الاتحاد الاوروبي بقامات عجزه المتخمة.. وأميركا بجبروت إفلاسها السياسي يفرغان آخر ما في الجعبة.. حصار وعقوبات ودعم للإرهاب.. وحين يمتعض من إفلاسه يكون الحل بالقتل؟!
لن يهدأ اللغط.. وستبقى الزوابع ترتد تباعاً وسط ضخ لا يتوقف من الكذب والتجييش والتلفيق، وفي رصيدهم المزيد من السيناريوهات المعدة التي لم يغير انفضاحها في الأمر شيئاً.. ولم يعدل من خطواتها حتى في «حبكة الشيطان».
لم يتركوا كذبة ولا تهويلاً ولا مبالغة إلا وضخوا بها في إعلامهم وقنواتهم.. أسقطوا مناطق.. وسوقوا روايات وقدموا استنتاجات، وجميعها ثبت بطلانها.. ومع ذلك نراها متكأً لكذبهم المتواصل ومادة لافتراءاتهم المستمرة، بينما إرهابهم يدفع بالمزيد من القتلة والمرتزقة على وقع تلك الأكاذيب.
نفترض أنه لا مفاجآت في الأمر.. لأن الأشهر الماضية وما تلاها قدمت سيلاً من الوقائع الدامغة على أن العقل المدبر لا يتوقف عند الارتدادات الناتجة.. فيما المنفذ يلتزم أمر العمليات المسوّق، وحين يسقط كل شيء.. المعايير والمواثيق وشرف المهنة.. والعقل والفكر والمنطق.. يسود الإلغاء والظلامية والإرهاب، لتلتقي الكف الغربية بيد المرتزقة والأجراء والصغار..!!
في دفاتر الجلسات السرية التي تتسرب أجزاء منها، يعترفون بأنهم يكذبون حتى على بعضهم بعضاً.. ولا يخفون خيبتهم من تواضع الأدوات التي استأجروها في المنطقة، وأن قراراتهم تعكس أمنيات أكثر مما تترجم إرادة ومقدرة على التنفيذ لذلك يخرجون من مغطس كي يقعوا في آخر، ويهربون من مأزق ليتورطوا في مأزق أكثر صعوبة.
نجزم بأنهم يدركون جزئيات المشهد وتفاصيله حتى الصغيرة منها.. وفيها ما يكفي للحكم على إفلاسهم، لذلك ربما وجدنا تفسيراً للكثير من مفارقاتهم.. فتلك هي حالهم وهذا اقصى ما بمقدورهم.. ارهابهم عدوان.. دعمهم عدوان.. ترهيبهم السياسي والدبلوماسي عدوان.. أما عقوباتهم إلى حد الحصار فهي إعلان حرب لم نخطئ للحظة في قراءة توقيته ودلالته.. واجهنا العدوان بالصمود.. وفي الحرب لنا كلمة وموقف وفعل.
كلمتنا ربما قلناها.. وموقفنا أيضاً أعلناه.. وفعلنا جاهز للاختبار في أي لحظة وفي كل مشهد.. وعلى مستوى المعارك الكبرى تكون الأفعال كبيرة حتى لو كبرت معها التضحيات.
a-k-67@maktoob.com