ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم: يعود الكذب بوجهه الفاضح إلى الواجهة السياسية، لم يكن مقتصرا على الغمز من قناة الموقف الروسي وتركيب تصريحات وأحاديث لم تحدث، وإنما أيضا على مختلف الجبهات في سياق الحملة المبرمجة سياسياً وإعلامياً وعسكرياً.
وكلما أطل الكذب بذلك الوجه، ثمة حقائق ترتسم على الأرض تكون دامغة على إفلاس في السياسة، وفشل في الإرهاب وتقهقر للمرتزقة، تتم التغطية عليه باختلاق سياسة الوقت بدل الضائع.
وهذه السياسة باتت المنهج الجديد المتبع، كي يتاح للقوى والأطراف الدولية المتورطة الوقت الكافي لإعادة تبويب خططها الجديدة وتحديد الأولويات، بحيث توفر الأكاذيب ونفيها والإسقاطات السياسية التي تُبنى عليها، بعض الوقت لتلك الأطراف للعب على التسريبات والتسريبات المضادة، وتوظيفها تمهيداً لأمر العمليات الذي يتم التحضير له تبعاً للبدائل المتوفرة. في سياسة الوقت بدل الضائع يحضر الكذب على أشدّه، وتحت ظلها يلوح الإرهاب بأياديه البغيضة، ويكشف عن أذرعه الملوثة ويميط اللثام عن وجهه. وقد وفر له حماته ورعاته البيئة ليكون مفتوحاً على مصراعيه، وبين عناوينها يجد الغطاء ليبقى خارج الإدانة في رسالة تشجيع لا تحتاج إلى شرح ولا تعليق.
بين الكذب السياسي والإرهاب تنشأ العلاقة المزدوجة والخدمة المتبادلة ليس على مستوى البيئة السياسية فقط، بل تمتد لتشمل مختلف جوانب التقاطع والتلاقي بين أشكال الإرهاب الدموي منه والسياسي والإعلامي والدبلوماسي، وصولاً إلى الإرهاب في الفبركة والافتراء، بحيث تؤدي دورها في الاستثمار السياسي، كما يؤدي الكذب السياسي مهامه ووظائفه في تغذية الإرهاب.
ندرك كما يدرك الجميع أن اللجوء إلى الكذب دليل عجز سياسي، وأن تشجيع الإرهاب حجة دامغة على الإفلاس في نيل أي مكسب على الأرض وفشل ذريع في تحقيق أي خطوة رغم القتل والتخريب، وكل القراءات السياسية تجمع على منهج المزج بين الإرهاب والفشل، كما هو حال التلاقي بين الكذب والعجز السياسي.
على هذه القاعدة كان حجم الكذب يكبر كلما فشلوا في مرحلة وفي خطوة، ووفق معطياته كان الإرهاب يزداد كلما أفلسوا في نيل مكسب على الأرض لاستخدامه في حربهم الكونية، وعلى القاعدة ذاتها كان التعويل على الإرهاب كمنقذ من الورطة، حين يؤخر لبعض الوقت إعلان الإفلاس. لم تكن المرة الأولى التي يتعرض لها الموقف الروسي لقصف من هذا النوع، ولا هي أول مرة يتعرض فيه لتشويه الحقائق التي ينطلق منها، كما لم تكن المرة الأولى التي تمتد أذرع الإرهاب للتغطية على الفشل والإفلاس. ولن تكون الأخيرة في الحالين، خصوصاً حين تكون في الوقت بدل الضائع. ما فاتهم جميعا سواء كانوا رعاة الإرهاب الدموي أم حماته ومنظريه وموجهيه وداعميه أو منفذيه أن ما فشلوا به في الوقت الأصلي لن يحققوه في الوقت بدل الضائع، وما عجزوا عنه بليّ عنق الحقيقة لن ينالوه بالكذب الفاضح والتركيب على التمنيات والأوهام، وما فشل به وكلاؤهم وأدواتهم الأصيلة منها والمستحدثة، لن يحققوه عبر تورطهم المباشر استبدالاً أو تدعيماً للوكلاء والأدوات ليس في السياسة وحسب، بل أيضا في تشجيع الإرهاب وتأجيج الحقد والضغينة.
فالكذب في الوقت الأصلي أو في بدل الضائع هو كذب لن يجدي، والإرهاب مع العجز السياسي والإعلامي والدبلوماسي أو من دونه، مع النفاق والتضليل أو مع التشجيع والتحريض لن يعطي نتيجة .. جربوا في الماضي ويجربون اليوم والسوريون أكثر صلابة في المواجهة وأصدقاء السوريين أكثر تمسكاً بمبادئ السياسة الدولية.
a.ka667@yahoo.com