ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم: يعود اللغط ليحطّ رحاله لدى مهمة الإبراهيمي بعدما أخذت التسريبات تتلون بتلون الرغبة والحاجة في سياق التجني على المهمة والافتراء على الموقف، فيما تحضر أصوات ما فتئت تصطاد في الماء العكر تارة، وترمي بالونات اختباراتها المشبوهة تارة أخرى.
منذ بداية المهمة والتصويب عليها كان نافذاً ولم يتوقف، رغم تراجعه لبعض الوقت، فإنه عاد إلى الرمي يميناً ويساراً، دون أن يتأخر في سرد عشرات التسريبات التي تاهت وسط غموض واضح يلفّ موقف الإبراهيمي، ما هيّأ المناخ والظرف للكثيرين مجدداً للعبث بالمهمة كما في قراءة الواقع والمعطيات.
لا أحد يتجاهل حالة الالتباس التي أغرقت المهمة في ركود مفتعل، في ظل تطورات عاصفة على الأرض وأعاصير متلاحقة في المشهد السياسي الموازي، ما أفسح في المجال أمام تأويلات زادت منها حالة التثاؤب التي واجه بها الإبراهيمي سيل الشائعات وأتاح مساحة أخرى للتصويب هنا وهناك، فيما انتهز البعض الفرصة للرمي بسهامه في اتجاهات ليست خاطئة فحسب بل طائشة أيضا.
وفيما تغرق المهمة بالهوامش والتوضيحات والإضافات وتفسيرات ما بعد التفسير، نجد على الخط الموازي من يدفع بها إلى الاستعصاء خلف عناوين اعتادت ان تكون البوابة الطبيعية للتعويض عن فشل هنا وعجز هناك.
ندرك كما يدرك الإبراهيمي أن خط التصاعد في العقبات التي واجهها لم تكن وليدة التطورات وحسب، بل كانت تنتصب في تحديها منذ قبوله لها، وقد لامس في الأسابيع الأولى جذرها وأسها، ثم ما لبث أن غاص في التفاصيل التي أضافت إلى التحدي تعقيدات ناتجة عن التردد في تسمية الأشياء بمسمياتها، ووصل في نهاية المطاف إلى الاكتفاء بتسجيل الملاحظات العابرة، وجاء تجواله المتواصل ليراكم من الملاحظات مقابل تراجع واضح في طرح الأفكار.
فالمفاضلة التي كانت قائمة في البداية لم تعد كذلك، والتسريبات التي نجحت في الماضي في تعطيل حراك من سبقه نستطيع أن نجزم منذ اللحظة أنها تتهيأ لهزيمته، إذا ما سمح لها ان تبقى في دائرة التكهنات واستعصى عليه التوضيح والتفسير للكثير مما يطرح اليوم اقتباساً أو اجتهاداً وفي أغلبه افتعالاً لا أرضية له ولا أساس.
والدوران في الحلقة المفرغة والابتعاد عن التصدي للكثير من الشوائب التي علقت وتعلق بين الفينة والأخرى تزيد من الاستعصاء القائم، ليس بحكم ما تضيفه من عقبات، بل بما يرضاه من تفخيخ علني لا نعتقد أنه غائب عن ذهن الدبلوماسي المخضرم.
ربما جاء اتصال بين الوزير لافروف والإبراهيمي ليقطع حبل الكرة المتدحرجة التي بدأت بتقرير صحفي ثم ما لبثت أن تحولت إلى تسريبات ومعلومات أضيف عليها هنا وحُمّلت هناك ، وصولاً إلى سيل التكهنات المتناقضة مروراً بالنتائج المعلبة التي تتالت تباعاً.
لكن هذا قد لا يكفي لحماية المهمة ولا للحفاظ على التاريخ الدبلوماسي العريق، ولا لإعادة تركيب ما تحتاجه من عوامل دفع قادرة على إدارة العجلة، خصوصاً إذا ما استكان الإبراهيمي للتقولات والتفسيرات الخاطئة التي ترمي بأثقالها في المغطس الذي لا نريد له أن يعود للغرق فيه.
ما نعرفه ويعرفه أن جوهر المعضلة كان ولا يزال حيث أشار في البداية: في تدفق المسلحين والسلاح وفي دعم الإرهابيين والإرهاب، وفي الإصرار على الاستمرار بالاحتضان والرعاية والحماية لهم ولأفعالهم في السياسة والإعلام والدبلوماسية، في الجوهر والمضمون وفي الطريقة والأسلوب.
وما نعرفه أيضاً كما يعرفه أن المشكلة في اليد المخادعة داخل القاعات وتلك الغارقة في مد الإرهابيين وتسليحهم خارجها، وربما في اللحظة ذاتها..و قد تكون اليد ذاتها!!
حين يعيد الإبراهيمي توقيت ساعته إلى عقارب تقرن تلك العقبات بما توفر من أدلة وقرائن، يكون قد وجد التوقيت الذي ينتظره، واستدل ودون عناء إلى المواعيد التي يبحث عنها، ولاحقاً بالتأكيد سيهتدي إلى مقابض الأبواب التي يحتاج إلى فتحها، وهو يحمل المفاتيح الصحيحة لا تلك الطائشة التي يدفع بها، بعض من استرزق على تعطيل مهمات المبعوثين، وأدمن على إغراقها في مغطس الالتواء على مقاس الاستهداف .
a.ka667@yahoo.com