ثورة أون لاين- أسعد عبود:
خلال حياتي العملية (50 عاماً صحافة وإعلام ) حضرت عدداً كبيراً جداً من المؤتمرات مختلفة الأنواع والاهتمامات، في سورية وخارجها.. وحصلت على أوزان ثقيلة من أوراق النقاش والحوار وبيانات النتائج والتوصيات.
وعلى ضوء المؤتمر الأخير الذي دعيت إليه وخطورة المسألة التي يطرحها حول الهوية الوطنية السورية وما تواجهه، وأهمية ما طرح فيه من معلومات وتحليلات واستنتاجات… واجهني سؤال:
وماذا بعد.. ؟!
اجتمعنا.. حكينا… استمعنا.. تحاورنا.. وربما خلصنا إلى نتائج ومختصرات..
ماذا بعد.. ؟! أعني نهاية ذلك.. بمعنى مصيره.. إلى أين.. ؟!
لا يمكن أن أدعي أن نتاج تلك المؤتمرات والندوات والورش كلها أحيلت إلى سلال المهملات.. أكيد هذا غير صحيح.. بل لدي معرفة بنتائج مؤتمرات، ولا سيما علمية، أثمرت نتائج فعلية وسجلت انتصارات في الميادين والحقول.
إنما أقول: إن مصير الحوارات والتوصيات والنتائج والبيانات التي نجمت عن هذه المؤتمرات والملتقيات عرضة دائماً للتبخر. وكثير من هذه المؤتمرات كان يدرك تلك الحقيقة وحاول التغلب عليها عن طريق تشكيل لجان متابعة هنا وهناك.. وكانت لجان فاشلة إلى حدود بعيدة حتى في المؤتمرات التي أشرفت عليها هيئات دولية كمؤسسات الأمم المتحدة مثلاً. بل لعلي لاحظت مراراً أن المؤتمرات الوطنية العامة والقطاعية والنوعية حققت مردودات أفضل. مثل ذلك المؤتمرات التي بحثت بشؤون زراعية وملحقة بها مثل أعمال الري وخلافها..
في كل الأحوال.. هنا وهناك.. شكلت مداولات المؤتمرات ونتائجها وبياناتها بيئة حقيقية لتنمية الإهمال والنسيان.. إلى درجة التكرار.. فيعيد مؤتمر أوراق وقرارات مؤتمراً مشابهاً سبقه.
وإذ تطلعك أوراق مؤتمر ما على حقيقة الواقع الصعب الذي نعيشه وعلى احتمالات تجاوز مأزق أو آخر.. تشعر بكثافة الخسارة إذ تعلم أن ذلك كان كلاماً للاستهلاك داخل المؤتمر، ولن يكون له أن يتحول إلى خطط وخرائط.. أو حتى منهج توثيق توصيات.
المسألة بطابعها العام يمكن توصيفها بمشكلة حصاد نتائج الحوار وتفاعل الفكر النظري بمؤشراته العملية.. نحن بصراحة وبغض النظر عن هذا المؤتمر أو ذاك، نهدر الكثير الكثير من تلك الجهود وليس لدينا سياسة حصاد نتائج الحوارات ولا البحوث ولا التجارب..
هذا المهدور يحوي الكثير من خلاصات أفكار ومحاولات تجديد وطروحات عقل تمضي بين الأوراق في رحلة طويلة أو قصيرة للتلف.
هي ليست المؤتمرات ونتائجها فقط، المهدور من جهادنا الفكري النظري.. بل البحوث والمحاولات ابتداء من رسالة جامعية وليس انتهاء بنتائج محاولات مراكز البحث والدراسات عندنا على قلتها.. والتي تشكل اليوم في العالم أهم مصادر دعم القرار ومتخذ القرار.
as.abboud@gmail.com