ثورة أون لاين:
اعتبرت هزيمة بريطانيا وفرنسا في عدوانهما على مصر بالتواطؤ مع الكيان الصهيوني عام ١٩٥٦ نهاية عصر الاستعمار التقليدي للمنطقة العربية وشكلت تلك الهزيمة عقدة تاريخية لاكبر قوتين استعماريتين عرفتهما شعوب العالم لقرنين من الزمن حيث انكفأتا الى حدودهما الجغرافية مع بقاء بعض البؤر الاستعمارية في القارة الافريقية ومع الامتداد الامريكي في مناطق الفراغ التي اخرجت منها تلك القوى التقليدية وحلول شكل جديد من اشكال الاستعمار سواء الاقتصادي او الثقافي او عبر القواعد العسكرية وغيرها ووقوع كل من بريطانيا وفرنسا وغيرها من دول القارة الاوربية تحت المظلة النووية الامريكية التي تحولت مع الزمن الى مظلة سياسية مع هذا كله تثبت الاحداث التي تشهدها الساحة الدولية راهنا ان الروح الاستعمارية والرغبة في التوسع والهيمنة لم تغادر قط عقلية راسمي الاسترتيجيات ومصممي السياسات الخارجية في تلك الدولتين الاستعاريتين وهاهما تتحينا كل الفرص وتلتقطا اية لحظة تاريخية او ظرف دولي سانح في محاولات مفضوحة لاستعادة مناطق نفوذهما في اكثر من منطقة من مناطق العالم ولاسيما حوض المتوسط وافريقيا وتحت عناوين قديمة جديدة من قبيل الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان التي لاتعدو كونها اطوات استعمار جديد تخبئ
تحتها رغبة في الاستئثار بثروات وموارد وطاقات تلك الدول ونهبها في اطار تنافس غير مسبوق للقوى الاستعمارية الكبرى بهدف تحقيق السيادة الاقتصادية ومقدمة ذلك احكام السيطرة على مناطق خطوط نقل واستخراج النفط والغاز وغيره من الثروات الباطنية التي تزخر بها اراضي تلك الدول وبحارها الاقليمية ان مايؤكد ما ذهبنا اليه هو تلك النزعة والاندفاعة غير المسبوقة لكل من فرنسا وبريطانيا نحو المنطقة العربية وشمال افريقيا ولعل الدور الفرنسي والبريطاني غير خافيين على احد حيث اندفعت فرنسا في مقدمة المحرضين على الحكومة الليبية واستطاعت تأمين الحشد الدولي وبتواطؤ مع بعض دول الخليج لتشن حربا ظالمة على الشعب الليبي بهدف وضع يدها على ثرواته وادخاله في فتنة داخلية وهو ما اكده منذ فترة قريبة رئيس وزراء ايطاليا السابق بيرلسكوني وها هي فرنسا تعيد الكرة مرة اخرى في مالي وتحت ذريعة مكافحة الارهاب وتشن عدوانا عليها والكل يعلم حجم المصالح الفرنسية في تلك الدولة الافريقية و ما تمتلكه من ثروات معدنية ولاسيما اليورانيوم والذهب.
لقد شكلت سورية بصمود شعبها وبسالة قواتها المسلحة وثبات قيادتها وشجاعتها حائط صد قوي بمواجهة قوى العولمة المتوحشة في اندفاعتها تجاه المنطقة واختطافها واستثمارها ما سمي ربيعا عربيا وتجييره لخدمة مصالحها وافراغه من كل مضامينه السياسية وتحويله الى ربيع لقوى الاستعمار والهيمنة ليشكل فرصة لها تستعيد من خلالها فرض وصايتها على تلك الدول عبر دعمها لبعض القوى السياسية المرتبطة اساسا مع استراتيجياتها وهي التي تمدها بالمال والسلاح وتدفع بها في المحافل الدولية بهدف ايصالها الى السلطة لتكون الخادم والوكيل لها والمنفذ لارادتها وتتحقق معادلة السلطة مقابل الوطن والكرامة والقرار الوطنيالمستقل .
د خلف علي المفتاح