ثورة أون لاين:
وجد أن ربع العقاقير الموجودة في الأسواق تثبط نمو بكتيريا القناة الهضمية، وأن لها آثارًا جانبية كآثار الصادات الحيوية الجانبية، وأن هذه الآثار قد تحفز مقاومتها.
حيث تم فحص أكثر من 1000 عقَّار من العقاقير الموجودة في الأسواق (لم يكن بينها صادات حيوية) بواسطة 40 نوعًا بكتيريًّا من الأنواع الموجودة في القناة الهضمية، فوجدوا أن أكثر من ربع تلك العقاقير (250 من 923) كان لكل منه أثر تثبيطي في نمو نوع واحد على الأقل من تلك الأنواع.
يعيش في قناة الإنسان الهضمية عدد كبير من الأنواع البكتيرية تُدعى «بكتيريا القناة الهضمية،» وفي العقد الماضي تأكد أن لها في مجموعها أثرًا كبيرًا في صحة الإنسان؛ ومعروف أن الصادات الحيوية لها تأثير كبير في تلك الميكروبات، وبذلك يكون لها آثار جانبية في الجهاز الهضمي.
واتضح أن لبعض العقاقير الشائعة التي لا تنتمي إلى الصادات الحيوية أثر في تلك الميكروبات كذلك.ولكن الحجم الكامل لهذه الظاهرة لم يتضح إلا مؤخرًا، وهذا البحث هو أول بحث يرسم صورة منهجية للتفاعلات المباشرة التي تحدث بين تلك العقاقير وبكتيريا القناة الهضمية، وأوضح أن التأثير التثبيطي لا ينتُج عن العقاقير المضادة للعدوى وحدها، بل عن عقاقير عديدة من مختلف الأصناف العلاجية.
قال الباحثون «كان مفاجئًا عدد العقاقير التي لها آثار جانبية ضارة بميكروبات القناة الهضمية، ولا سيما أن العدد الحقيقي نُرجِّح أنه أكبر من ذلك. لهذا التغيير الحادث في بكتيريا القناة الهضمية دور في الآثار الجانبية لتلك العقاقير، لكن قد يكون له أيضًا دور في مفعولها المفيد. فهذا ليس هذا إلا البداية، فنحن لا نعلم بعد كيف تستهدِف معظم تلك العقاقير الميكروبات، ولا الآثار التي تظهَر على الإنسان نتيجة ذلك، ولا الآثار الإكلينيكية لكل هذا؛ تَلزمنا دراسة ذلك كله، لأنها ستساعدنا على تحسين معارفنا الطبية ورفع كفاءة العقاقير الحاليَّة.»
سلطت هذه الدراسة الضوء أيضًا على الخطر الذي لم تسبق ملاحظته: أن العقاقير الموجودة خارج دائرة الصادات الحيوية تحفز هي أيضًا مقاومتها، لأن آليات المقاومة الميكروبية العامّة تجاه تلك العقاقير تبدو متشابكة متداخلة جدًّا مع آليات المقاومة البكتيرية تجاه الصادات الحيوية.
وأضاف «هذا مخيف، نظرًا إلى أننا نستهلك في حياتنا عددًا كبيرًا جدًّا من تلك العقاقير، ونستهلكها أحيانًا لفترات طويلة. ومع هذا فليست تلك العقاقير كلها تؤثر في بكتيريا القناة الهضمية، ولن تكون كل أنواع المقاومة شائعة بيننا. في بعض الحالات تؤدي المقاومة تجاه عقاقير معينة من تلك العقاقير إلى حفز الحساسية تجاه مضادات حيوية معينة، وهذا يفتح باب تصميم التراكيب العقّارية المُثلى.»
نحن متحمسون للتقدم واستكشاف التفاعلات الميكروبية العقّارية التي تحدث في المجموعات الميكروبية المعقدة الموجودة في القنوات الهضمية، لأن هذا سيساعدنا على فهم كيف يستجيب الناس أحيانًا استجابات مختلفة للدواء ذاته.
في قناة هضم كل منا مجموعة ميكروبية فريدة، فكلنا يحمل أنواعًا بكتيرية مختلفة (إلى جانب عديد من الأنواع المشتركة)، وفوق هذا نحمل أفرادًا بكتيرية مختلفة تندرج تحت النوع ذاته تُدعى «سُلالات،» ويمكن أن يكون لتلك السلالات وظائف مختلفة، واستجابات مختلفة للعقاقير؛ ولذلك يُرجَّح أن يكون عديد من التفاعلات الميكروبية العقّارية فرديًّا فريدًا، وهذا يفتح باب العقاقير الخصوصية التي يستهدف كل منها مجموعة ميكروبية معينة.

السابق
التالي