ثورة أون لاين – علي نصر الله:
في مثل هذا اليوم من العام الماضي تمّ إطلاق المشروع الوطني للإصلاح الإداري رسمياً من مجلس الوزراء الذي ترأسه السيد الرئيس بشار الأسد في جلسة استثنائية انطوت على أهمية المضامين والتوجهات، وكانت زاخرة بالعناوين الوطنية الكبيرة التي تهم الجميع،
وتخص في التفاصيل المواطن والمؤسسات، على أنّ الهدف تحسين الأداء وتطوير الأنظمة الإدارية والهيكليات، ومتابعة تطبيق المعايير، وإيجاد آليات تُتيح القياس الذي سيكون محكاً حقيقياً لمُراقبة الخطوات وتصويبها.. أين وصلنا؟.
قد يكون من المُبكر السؤال: أين وصلنا؟ غير أنّ السؤال عن الخطوات التي أُنجزت يبدو مشروعاً من دون أن نستعجل تَلمّس الأثر المباشر، ذلك لأنّ برنامجاً زمنياً قد وُضع للمشروع، وبما أنّ مراحله مُترابطة مُتشابكة، فليس من الإنصاف قياس الأثر الحاصل قبل اكتمال المشروع، رغم أنه أكاديمياً يُفترض أن يكون لكل مرحلة مُنفردة أهدافها التي تقبل التقييم بالملاحظة والتتبع.
دعونا بداية نتحدث بالمُوجبات، ما مُوجبات الإصلاح الإداري؟ لو لم يكن هناك من مُوجبات فما من حاجة للمشروع، الانطلاق من هذه القاعدة لا شك أنه يُسهل البحث ويُنشط التفكير لجهة طرح المُشكلات القائمة، مُلاحظتها، تشخيصها، الإمساك بحيثياتها، مُعالجتها، ووضع آليات للحؤول دون تكرارها صغيرة كانت أم كبيرة.
لا ريب أننا بحاجة للإصلاح والتطوير الإداري لنتجاوز الكثير من المُشكلات التي يُنتجها الروتين بأنظمته المُعقدة، التي تعوق تحسين الإنتاجية، وتُسهم بتعظيم الهدر، وتتسبب بعرقلة خطط التنمية، وتُرتب أعباء مالية غير مُبررة على الدولة، وتخلق أزمات مُتنوعة، ولا تسمح باستثمار الكفاءات والمهارات المكنوزة بالكوادر، ولا تُحسن استقطاب الكوادر الجديدة من الخريجين الذين تدفع بهم المعاهد والجامعات إلى سوق العمل، وهذا مُجتمعاً – كعناصر – طبيعي أن يُنتج حالة غير طبيعية يُصنفها الأكاديميون تحت عنوان الفساد الذي يؤكدون أنه سينمو في بيئة لن تُنتج غير الهدر والمراوحة بالمكان.
وإذاً فالخطوة الأولى ينبغي أن تهتم بالتشريعات، مُراجعتها، تطويرها، وسن رزمة جديدة منها تطوي صفحة السابقة، تنتزع منها ما يَصلُح فتمنع ازدواجية الفهم والتفسير أو التأويل، تتلافى الثغرات وتُغلق الباب على احتمالات الاختراق، ذلك لا يتم إلا بصياغة قانونية مُحكمة.
يُعتقد أن منظومة التشريعات لدينا هي من أفضل التشريعات، لكنّ آليات التطبيق بقيت أقل مستوىً من أن تجعل أمر تثميرها، مُلاحظة أهميتها، وتعميق أثرها مَلموساً، ولذلك ربما يجري الاهتمام اليوم بمسألة القياس، قياس الأداء، قياس الإنتاجية، قياس مقادير الرضا، وبالتالي قياس جودة الأنظمة الإدارية على نحو واضح ومُركز.
المسألةُ في غاية التعقيد، ليست سهلة لكنها غير مُستحيلة، هناك تجارب دولية لحكومات نجحت، وأخرى تعثرت أو نجحت جزئياً، لكنها انتقلت بلغة الأرقام والمُؤشرات من مكان لآخر، تَغيّر موقعها وتبدّل حالها لجهة النهوض والنماء على جميع المستويات، تحققت معها النقلة النوعية بالمجتمع.. الأصل أنه