صفقة القرن ومغلفات كوشنير المختومة

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم:
يأخذ التحرك الأميركي المحموم صيغاً تبدو حمَّالة أوجه، وإن كانت في نهاية المطاف تقود إلى الحصيلة ذاتها، حيث الهدف الذي كان مضمراً وبات معلناً هو المباشرة بالخطوات التنفيذية التي طالما شكَّلت حالة إرباك في تسويق ما بات معروفاً بصفقة القرن،
لتكون من جملة الصفقات التي تتفنن الإدارة الأميركية بالمساومة عليها في ظل هواجس مفتعلة تبدو الشماعة التي تخفي خلفها ما تمنعت عنه مشيخات الخليج رغم التمنيات التي كانت حاضرة في كل خطوة من خطوات التطبيع التي أقدمت عليها.‏

فجولة كوشنير أماطت اللثام عن جملة من المحاولات السابقة التي كانت بمنزلة قصف تمهيدي تحضيراً للصفقة التي سبقتها تسريبات لم تكن من فراغ حول صيغتها وطريقة التعاطي معها ومع ردود الفعل عليها، وصولاً إلى تحضير المنطقة ميدانياً لتمرير الصفقة من دون اعتراضات، أو على الأقل من دون عقبات سياسية قد تحضر في شياطين التفاصيل اللاحقة بعد أن أنجز كوشنير مهماته المباشرة وكل الأجندات المدرجة من خلال مغلفات مختومة وبالاتجاهين، كانت تصل من وإلى الأدوات الأميركية في المنطقة بدءاً من المشيخات وليس انتهاء بالأردن، ومن دون أن يبرِّئ مصر، رغم النفي المتكرر الذي بات يحمل تأكيدات أكثر مما يتضمن رفضاً.‏

المعضلة لم تعد في الدور التخريبي للمشيخات، ولا في المهمة الوظيفية لإنتاج الإرهاب ودعمه، فقدت آتت أُكلها بالنسبة للأميركيين، وما تبقى منها مجرد أوراق لا تصلح إلا لإنجاز ما تبقى من مساومات تكتيكية وجزئية هنا أو هناك، خصوصاً بعد أن استنفدت هذه المشيخات جميع مهماتها، وباتت جاهزة للصفقة الأخيرة، وإنما في أدوار ترسم أبعاداً أكثر خطورة، ليس أقلها التسريبات المنقولة عن مصادر خليجية تتحدث عن عرض إماراتي لتدريب أو لمساعدة الجيش المصري، وبدعم من الإسرائيلي، في محاولة يائسة لتسويق التطبيع بإنتاج برامج عمل يكون الإسرائيلي جزءاً منها، وهو الأمر الذي يصعب هضمه، باعتباره يدخل في سياق الحرب النفسية ويعد جزءاً من الإساءة للجيش المصري من منطلقين أساسيين، الأول يتعلق بمفارقة أن يكون الجيش المصري بحاجة إلى الإمارات، والثاني يرتبط بتسويق العلاقة مع الإسرائيلي وتداعياتها ومحاولة التأقلم مع وجودها.‏

سعاة البريد الأميركيون يكثفون جولاتهم ولقاءاتهم في المنطقة تحت عناوين تتعدد فيها الأجندات، لكن يبقى الهدف واحداً وهو التمهيد لصفقة القرن التي باتت أكثر إلحاحاً، بعد أن تمكَّن الرئيس الأميركي ترامب من فرض نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة من دون ضجيج أو صخب، وفي الحد الأدنى من الصدامات السياسية وغير السياسية التي بدت ردود الفعل فيها باهتة وربما أقل بكثير مما كان متوقعاً، وتمثل في حدها الأدنى خيبة مدوية من الدور المنظور والمتوقع الذي شكل دافعاً للمضي في الصفقة حتى آخرها.‏

فعراب الصفقة كوشنير بدأ رحلته التنفيذية لوضع اللمسات الأخيرة على الصفقة التي تحتاج أولاً إلى قصف تمهيدي كان الأردن أول الاختبارات العملية التي دفعت به إلى التصفيق بعد طول مماطلة، خصوصاً بعد الأحداث الأخيرة التي شهدها والاحتجاجات المفتعلة التي أوصلت الأردن إلى فهم الرسالة الأميركية الإسرائيلية المزدوجة، ودور المشيخات التي كانت سباقة إلى المساومة على الدور الأردني الذي لم يكن بحاجة إلى هذه الهزة السياسية القاسية التي وصلت إلى الكنف الملكي بصيغة زلزال يطيح بكل ما تبقى من إرث العائلة المالكة وما يستتبعها من خيارات مفتوحة على المجهول، في حين قدمت مشيخة البحرين وعودها وخدماتها المجانية بالإعلان عن النية المسبقة في إقامة علاقات مع إسرائيل تمهد من خلالها الأجواء لتمرير ما يستصعب الأميركيون الحديث عنه، وما يتحرج سعاة بريد صفقة القرن من إعلانه أو التصريح به.‏

المساعي الأميركية تشي بأن الصفقة وصلت إلى مرحلة متقدمة، ولم تعد تنتظر سوى التوقيت في إعلانها، ليكون متوافقاً مع المشهد السياسي في المنطقة من خلال تحضير مسرح الأحداث ومنصاتها الأساسية للعبة المبازرة الأميركية الأخيرة التي تنتهي بالتوقيع على الصفقة، لكنها تستدعي كل أشكال التصعيد والتسخين بما فيها فتح جبهات في المنطقة أو تخومها، وبعدها لكل حادث حديث، هذا إن كان هناك من طريق أو سبيل للحديث..!!‏

a.ka667@yahoo.com ‏

آخر الأخبار
مسؤولان أوروبيان: سوريا تسير نحو مستقبل مشرق وتستحق الدعم الرئيس الشرع يكسر "الصور النمطية" ويعيد صياغة دور المرأة هولندا.. جدل سياسي حول عودة اللاجئين السوريين في ذكرى الرحيل .. "عبد الباسط الساروت" صوت الثورة وروحها الخالدة قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل خرقها اتفاق فصل القوات 1974 "رحمة بلا حدود " توزع لحوم الأضاحي على جرحى الثورة بدرعا خريطة طريق تركية  لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا قاصِرون خلف دخان الأراكيل.. كيف دمّر نظام الأسد جيلاً كاملاً ..؟ أطفال بلا أثر.. وول ستريت جورنال تكشف خيوط خطف الآلاف في سوريا الأضحية... شعيرة تعبّدية ورسالة تكافل اجتماعي العيد في سوريا... طقوس ثابتة في وجه التحديات زيادة حوادث السير يُحرك الجهات الأمنية.. دعوات للتشدد وتوعية مجتمعية شاملة مبادرة ترفيهية لرسم البسمة على وجوه نحو 2000 طفل يتيم ذكريات العيد الجميلة في ريف صافيتا تعرض عمال اتصالات طرطوس لحادث انزلاق التربة أثناء عملهم مكافحة زهرة النيل في حماة سوريا والسعودية نحو شراكة اقتصادية أوسع  بمرحلة إعادة الإعمار ماذا يعني" فتح حساب مراسلة "في قطر؟ أراجيح الطفولة.. بين شهقة أم وفقدان أب الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار