أكد علماء الصحة خلال الاحتفالية الأخيرة باليوم العالمي للسمنة على أنها أكثر مشكلات الصحة العامة خطورة. ومع اعلانها وباء عالميا من قبل منظمة الصحة العالمية
في عام 1997 أدرك الباحثون في مطلع القرن الحادي والعشرين على أنها ستصبح من أكثر الأوبئة الجديدة التي ستشغل العالم خلال هذا القرن.
تتحدث الدراسات التي تتناول موضوع السمنة على مستوى عالمي إلى أن نحو 2.7 مليار إنسان سيعاني من زيادة الوزن بحلول العام 2025، وأن البدانة والسمنة تزيدان نسبة الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة غير السارية كمرض السكري، وبعض أمراض القلب والكبد، والمفاصل، بالإضافة إلى العديد من أنواع السرطان مثل سرطان الغشاء المبطن للرحم، وسرطان الثدي، وسرطان المبيض وسرطان البروستات وسرطان المرارة وسرطان الكلى وسرطان القولون، وهذا بدوره يجعل كلفة هذه الأمراض تتجاوز أكثر من ألف مليار دولار سنوياً.
مؤشرات ووقائع
وعلى المستوى المحلي لا يوجد لدينا دراسات دقيقة حول هذا الموضوع، إلا أنه لم يعد خافيا على أحد حجم هذه المشكلة ومؤشرات وجودها، ليس فقد من خلال ما يدور بين النساء والرجال من أحاديث حول القوام الجميل وتخفيف الوزن والبحث المستمر عن الأدوية والمنتجات المنحفة، بل من خلال الانتشار الكبير لمراكز التنحيف وشد الجسم وشفط الدهون، ومن خلال كثرة المراجعين للمشافي العامة والخاصة والمراكز بحثا عن عمليات قص المعدة وتصغيرها لأشخاص بأعمار صغيرة يعانون من سمنة غير طبيعية.
وقد أكد الدكتور غسان شحور عضو اللجنة العلمية لنقابة أطباء دمشق: على أن السمنة حالة أشد من البدانة وزيادة الوزن، وهو وباء متسارع يوما بعد يوم نتيجة لتغيرات في سلوك الأشخاص وطبيعة الغذاء وطرق تناوله، ولكي نتجنب البدانة واستفحالها إلى سمنة لابد من تجنب الأغذية الحاوية على السكر بشكل خاص، والأطعمة السريعة الشائعة الغنية بالدهون والمواد النشوية، بالإضافة إلى زيادة النشاط الفيزيائي والرياضي. موضحا أن مشكلة السمنة أكبر من أن تكون مشكلة شخصية أو فردية، ولا يكفي أن تفتتح المراكز والمشافي الخاصة لعلاج السمنة بعد حدوثها والاستثمار فيها، بل لابد من اعتماد برامج وطنية لمواجهة ذلك في مرحلة مبكرة، لاسيما عند الأطفال والشباب، والعمل على بناء بيئة ممكنة للنشاط الفيزيائي والرياضي تتاح لكل فئات المجتمع، وهو الإجراء الذي لجأت إليه الكثير من الدول المتقدمة للتخفيف من وطأة هذا الوباء الذي أصبح علاجه مكلفا جدا. بالإضافة لكونه يزيد من الأعباء الصحية والاجتماعية التي تؤثر بشكل مباشر على أداء الأفراد في حياتهم اليومية وفي عملهم وانتاجهم.
وأشار شحرور أنه لا يكفي أن يحتفل العالم لمدة 24 ساعة باليوم العالمي للسمنة بل لابد من تسليط الضوء على هذا الوباء الذي ينتشر بأسرع مما هو متوقع والتوجه بالنداءات إلى المعنيين وكل مقدمي الرعاية الصحية لاسيما المشافي والمراكز الصحية من أجل مكافحة أسباب السمنة ومحاربة وجودها مؤكدا على ضرورة تعزيز برامج الوقاية والتوعية بأسلوب الحياة الصحي في المدارس والجامعات وفي البرامج الإعلامية وتعزيز برامج خدمات علاج البدانة والسمنة، بالإضافة إلى التأكيد على فرض قيود على المشروبات التي تحتوي السكر، الذي يؤدي الإكثار منه إلى البدانة، والإصابة بداء السكري من النوع الثاني، ونخر الأسنان.
مزيد من الصحة
بالوقت الذي نجد فيه الكثير من الناس لا يميزون بين الصحة والسمنة، يبين الدكتور شحرور أن السمنة بدأت تغزو متجمعنا بشكل كبير جدا ولابد من أن يدق ناقوس الخطر الذي يدفعنا لمزيد من الجهود الوطنية والأهلية والخاصة في خطوات جادة لمكافحة البدانة ونشر التوعية في السلوك الغذائي والصحي والتعريف بأمراض السمنة والعواقب الوخيمة التي تنتج عنها على الفرد والأسرة والمجتمع، والبرامج والجهود المبذولة في التصدي لها من أجل مستقبل أفضل نضيف فيه الصحة إلى سنين العمر.
ميساء الجردي
التاريخ: الجمعة 3-8-2018
رقم العدد: 16753