ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير:علي قاسم:
لم يكن منتظراً بأي من الأحوال من دول منظومة العدوان أن تكون على غير ما هي عليه، ولا أن تكون خارج سياق المنهج الأميركي الذي يحاول أن يوقف الزمن ليعود وينبش في الأوراق القديمة، وربما الاستقواء بملفات تجاوزها الزمن وتجاوزتها الأحداث والتطورات، فيما تشكل العودة إليها حالة عبثية لا طائل منها سوى محاولة إشغال لن تجدي، خصوصاً في هذا التوقيت الذي يحاكي زمناً مضى وبات خلفنا..!!
لكن أن تكون مصر عكازاً عربياً في هذه المنظومة، باعتبار أن السعودية -وتحاول أن تجاريها الأردن- خرجت من العباءة العربية منذ زمن طويل، فالأمر يحتاج إلى وقفة طويلة، وربما إلى مساءلة أخلاقية قبل أن تكون سياسية، حيث الفارق كبير وبيّن.. أن تكون في المصفوفة السياسية ذاتها، فيما تدفع بك أميركا إلى الموقع عينه الذي سبق أن جرّبت به تلك العبثية والخوض في غمارها، الذي لن يوصل إلى أي تأثير منتظر، حيث الاصطفاف هنا لم يعد سياسياً فحسب، بل يصل أيضاً حدود التخندق في المنظومة ومعها.
لذلك لا يستطيع أي مراقب أن يتجاوز هذا الموقف الذي ارتضى أن يكون جزءاً من منظومة طالما شكلت في سياق الحرب الإرهابية رأس حربة ما برحت تستهدف سورية وشعبها، ولا يمكن هضم مبرراته ومسوغاته، ولا حتى التفسيرات البينية التي تحاول أن ترسم انحناءات حادة داخل المشهد الإقليمي.. في سياق محاولة تفسير ما لا يمكن أن يفسر، وتسويغ ما يستحيل تسويغه.
وفي الجوهر.. فإن البيان المسرب الذي اصطلح عليه «بيان الدول السبع»، التي كانت تشكل في جوهرها النواة الصلبة لمنظومة أعداء سورية مع بعض الإضافات، لا يستحق حتى النقاش فيه، فهو مرفوض في الشكل والمضمون، كما هو مرفوض من ناحية الاختصاص، الذي يبقى حكراً على السوريين دون سواهم، ومحاولة إلباسه الثوب الأممي لأغراض شخصية بحتة تخص المبعوث الأممي الذي يحاول المشاغبة من خارج نص مهمته، وهي تشكل نقيضاً لكل الأعراف والقوانين الدولية، باعتباره تحضيراً متأخراً للوصاية المنبوذة تاريخياً، مع الإضافات الاستعمارية الحديثة، والتي أيقظت لدى الغرب الاستعماري حنيناً إلى زمن لن يعود ولا يمكن أن يأتي.
الخطير في المسألة أن المشاركة المصرية تفقدها أهم أوراقها، وتغرقها دفعة واحدة في جبهة ليست لها، ولم تكن معركتها في يوم من الأيام، ولا في السياق المنتظر منها، فيما الأردن الذي كان يفترض أن يجري مراجعة سياسية للكثير من المواقف والأدوار التي ارتضى أن يكون جزءاً منها، نراه يغرق فيها ويتحول كغيره إلى إحدى أذرع منظومة العدوان كما كان في السنوات التي خلت.
فالرداء الذي تحوكه منظومة العدوان ليس لنا.. ولا يشبهنا، ولا يرتب علينا إلا اليقين الإضافي بأن ما عجزوا عنه بالإرهاب لن ينالوه بالانتداب والوصاية والتهديد بالعدوان وممارسته قولاً وفعلاً، وأن سنوات الحرب الإرهابية التي فشلت في النيل من إرادة السوريين لن يستطيع بيان أو خطوات -مهما تكن درجة التورط فيها- أن تعدل من الحصيلة النهائية، ولا بهذه الهلوسة السياسية التي تحاول مداراة الفشل الذي منيت به، والدولة العربية التي حضرت ليست التي نعرفها، ويقيننا أنها ليست التي نريدها ويريدها شعبها، ولاهي التي في خاطرنا، وخاطر الكثير ممن بقي من العرب..!!