قـلـبا مُـــحـبٍ أنارا اللـيـلَ إصباحا
فلـقّنا لــغـــةَ الأحـــبـــابِ إفصاحا
أنا هُـــما، وهُــــما فـي نحن، قد جَمعـت
فـي (نحـــن) قلبـيـن مجـــروحاً وجرَّاحا
يجري دمـي بحروفِ الضادِ في سُـبـلٍ
بــها غـــدا صاحــبــا حرفـيَّ أو راحــا
وتطــربُ الأذنُ، في أذنـــي رواجـعُـه
تــنسابُ شعـراً بـمــا في قــلـبـه بَـاحـا
أنــا الدمشــقـيُّ، شطُّ الـبحـر قافــيـتي
يُـلـمـلـم الشــعــر أتـــراحــاً وأفــــراحا
على شــفـاهي يـُـــلاقي الحرفُ موطنه
ومـن يــميني يـفــيـضُ الكأس نـضَّـاحا
لـكـلِّ هــمــزةِ حـــبٍ فـــي دفاتـــرنا
يُــرخــي الـــفــؤادُ طَـــباشيرا وألـواحا
وكــــلُّ هـمـــســـةِ ودٍ مــن بــلابـلِـها
غنَّى بها الـوحـــيُ في قــلبيَّ صـداحا
أنـــا العـــمـانيُّ، أبْــني عـرشَ مملكتي
نهـــراً يفيضُ ونهـــراً يرشفُ الـراحا
أسـلتُ وادي الهـوى، فاخضرَّ مربعُه
وطـــرَّزته يـــمـيـنُ الحب أوشــــاحا
إنْ رمـتَ قطفاً، فـقـد أهـدتـك أيـكـتُه
طـــيَّ الـفـــؤادِ عَــــناقـــيــداً وتــفــاحا
وإنْ وجـــدتَ لك الأبـــوابَ مشــرعـةً
فلــم يكــنْ غـيـر مــا أحكــيه مــفـتـاحا
أنا العـمانـيُّ- لا رجعُ الصدى- سَفـري
إليك أنْ نــجعـــلَ الروحين أرواحـا
أبحــرت بالشعـر دهـــراً دون أحــرفِه
وكــنــتُ دونـَك بالحــرفـيـن مــلاحا
أعــــودُ فــيـك دواويـــنا مضـــرجــةً
بقــلـبِ صــبٍ يُـلاقي فــيـك جَــرَّاحــا
أحرقتُ في مجــمــرِ الأشعـــارِ شـاردةً
من اللــبانِ، وإنِّـي بعــضُ مــا فَـــاحا
وكــلُّ أفـــلاجِنا تـــنــسابُ ناضــحـةً
حــرفـاً تخــفَّى وحــرفاً بالهوى لاحا
أوَّاه يا شعـــرُ يا أذكــــارَ معـتـكـفٍ
يُــلمـلـمُ الــوقــتَ بالأذكار مسباحا
أراكَ تـنـثـــرُ في الآفـــاقِ أحرفنا
بـــدراً يـــنــيـــرُ، وللـنجـــمـاتِ لمَّاحا
أنا العــمــانيُّ، حـصـن فــي مــديـنـتـنا
يــــأوي الــعــــروبةَ إيـماناً وإصـلاحا
نَـصـبـتُ نفسي عــيــنـاً في عـروبتها
وفـــي الحـقــول نصـبتُ العـزمَ فلاحا
فهــل أنـا الآنَ لـلأشعـــارِ حــــارسُها؟
أم قـــد أُلاقــي-مـــعــــاذَ اللهِ- سفَّـــاحا؟
فَـــدوى فـــؤاديَ ما يَحــمي نـوابــضَـه
والنبضُ صار بمـــا يَــــرجـــوه ذبـَّــاحا
آمنتُ بالشعـــــرِ كأساً، طَـــيُّ ثورته
نهـــرٌ يـفـيـــضُ فناجينا وأقــــداحا
فكــــلُّ لــيـــلٍ دمشقيٍ به قــمـــرٌ
يـــهدي عــمــانَ من الأنوارِ إصباحا
وكلُ صبـــحِ العمانـــيــيــنَ في وترٍ
غــنَّـــت دمشــــقُ به الألــحــانَ أفراحا
فاقــبـلْ (عمــشــقـيـةَ الأشعارِ) يا وتراً
قَـلــباي بَــــاحــا بهــذا الحـبِ وارتاحا
أحمد بن هلال بن محمد العبري/ عُمان