تبدو مهمة تحديد أرقامٍ دقيقة حول أعداد سكان العشوائيات أو حتى مساحتها صعبةً للغاية، حيث تشير الوقائع إلى وجود أكثر من 42 منطقة مخالفات في دمشق وريفها، موزعةً على مساحة تزيد على 15 ألف هكتار، ويقدّر خبراء حجم التزايد في مناطق السكن غير النظامي في سورية بأنها تزايدت أربعمئة بالمئة خلال السنوات العشر الأخيرة.
الزيادة المضطردة والهائلة بأعداد الأسر الذين يقنطون في مناطق السكن العشوائي باتت كبيرة قياساً بأعداد الأسر التي تقطن في مساكن منظمة وذلك بسبب الارتفاع الكبير والفاحش بأسعار المساكن والشقق والعقارات إضافة إلى ما خلفته الحرب الظالمة على بلدنا من دمار وتخريب ممهنج طال البشر والحجر والشجر الأمر الذي ضاعف حجم المعاناة، ما اضطر الكثير من أصحاب الحاجة للجوء إلى سكن العشوائيات رغم سلبياتها الكثيرة وافتقارها لأبسط الخدمات والشروط الصحية والبيئية.
محافظة دمشق أكدت عزمها دراسة مخططات لتنظيم مناطق المخالفات في دمشق ومحيطها، بحيث يتم في كل عام دراسة منطقة عشوائية معينة، وأنه لن تبقى أي منطقة مخالفة دون تنظيم، والسؤال هل أمنت المحافظة السكن البديل للقيام بهذه الخطوة المهمة، والأهم من ذلك كله هل وضعت المحافظة تقييمات وتخمينات عادلة يتم على أساسها إعطاء سكن بديل أو منح تعويض مجزٍ ومناسب بحيث يتمكن من خلاله المواطنون من تأمين سكن بأسعار مقبولة بعيداً عن مضاربات تجار العقارات وسوقهم السوداء.
العشوائيات ليست ظاهرة بل حقيقة تنمو وتتمدد بشكل دائم، وهي تشكل تحديات كبيرة ليس في سورية وحسب بل في معظم دول العالم وهي تعكس دائماً ضعف أنظمة الرقابة وعدم وجود مخططات معتمدة للمدن الرئيسة وخلل سوق الإسكان وانخفاض المعروض من الوحدات السكنية وعدم ملاءمة العرض مع نوعية الطلب وسيطرة البعض على سوق العقارات والقيام بالمضاربات بهدف رفع الأسعار وتحقيق المكاسب على حساب المواطنين.
الواقع الذي تعيشه العشوائيات يستدعي التحرك السريع لتصنيف هذه المناطق ووضع الإطار المؤسساتي والتشريعي الذي يسمح بإعادة تأهيلها وتنظيمها وتحسين الأوضاع السكنية والخدمية فيها، والانطلاق بإحداث برنامج وطني يكون له صندوق خاص لتمويل هذا الموضوع والتفكير بكيفية الاستفادة من تجارب الدول المجاورة والصديقة بهذا المجال وتبني فكر التخطيط والتطوير بمشاركة القطاع الخاص والمستثمرين العرب والأجانب في تنفيذ هذا البرنامج.
بسام زيود
التاريخ: الأربعاء 24-10-2018
رقم العدد : 16818